موقع هرمنا الالكتروني
صالح الراشد
أفسدت السياسة العديد من علاقات الدول العربية والتي ترممت بفعل العامل المُشترك بين العرب، وطبعاً لن يكون هذا العامل هو اللغة والتاريخ المُشترك وليس الدين الذي أصبح طوائفاً وشيعا، إنما الرياضة وبالذات كرة القدم التي أصبحت تجمعنا وليس لسان الضاد ليتغير قول الشاعر فخر البارودي ” لسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان”، وتحولت الى “كرة القدم تجمعنا في ملاعب وشاشات” ، كونها أصبحت الهم الأكبر للشعوب العربية، وهي التي تجمع وتُفرق .
ويتذكر الجميع ان شعوب الدول التي لعبت دوراً مؤثراً في إطالة أمد الحرب في سوريا ، وقفوا يشجعون منتخب سوريا بكرة القدم وهو يواجه أستراليا في تصفيات كأس العالم، فجمعهم كرة القدم ولم تُحرك فيهم أنهار الدماء حياً أو ميتا، وعندما خاضت قطر نهائي أمم آسيا ضد اليابان في الإمارات، وقفت الشعوب العربية الى جوارها ومنهم الكثيرين من مواطني الدول التي تُحاصر قطر ، ولما جاء دور الهلال السعودي للظفر بكأس دوري أبطال آسيا, لم يبقى عربياً إلا وساند الهلال حتى الأشد تعصُباً لناديه، فهذه هي كرة القدم وسحرها تجمع الأمة العربية وتوحدها بما يتعارض مع رغبة السياسيين الذين ما تدخلوا في أمر إلا أفسدوه.
واليوم تستضيف قطر كأس الخليج وقد بدأت المنتخبات الخليجية تصلُ للدوحة بطائرات من بلادها, وهو ما يشبه إعلان عن عودة العلاقات الخليجية الأخوية، وليظهر للمراقبين أن رحلة الألف ميل لإحياء مجلس التعاون الخليجي بكامل أعضائه قد بدأت بخطوات كرة القدم، وأن المجلس سيلتئم في القريب العاجل بجميع الدول الأعضاء، بعد تجاوز الجراح المُشتركة ووأد الخلافات ونبذ الفرقة.
وستجد دول الخليج العديد من الباحثين عن زيادة فرقتهم، مما يوجب على الساسة أن يكونوا قادرين على وقف هؤلاء حتى إن كانوا من أبناء دولهم ومنعهم من الإساءة لأي شقيق عربي، والتصدي للمواقف الخارجية وبالذات الغربية منها والقوى الإقليمية في المنطقة التي استفادت من الفرقة الخليجية، ولعبت وعبثت بين الأشقاء، واليوم تأتي الفرصة الذهبية لإستعادة الأشقاء صورتهم القديمة كشعب واحد والفضل لتلك الساحرة المجنونة كرة القدم، فلا تهدروا فرصة قائمة لأن اللاعبين اذا لم يستغلوا الفرص التي تلوح لهم في المباريات سيبقى الحال على ما هو, واذا انتهت المُباراة لا يمكن أن تتبدل نتيجتها.
