أخبار عاجلة

الاردن المعاصر وشِعب ابي طالب القديم … الدكتور زيد احمد المحيسن

يقول ماركس (التاريخ يعيد نفسه في المرة الاولى كمأساة وفي الثانيه كمهزلة ) الشعب العربي مع الاسف شعب غير قارىء للتاريخ ولا للحاضر ولا يفكرللمستقبل – فلو كان غير ذلك لحول الهزيمة الى فرصة للنصر والتحرير والانعتاق من التخلف والجهل وبنى نموذجه العربي الوحدوي الخاص به فلديه اللسان والرسالة الخالدة والامة الواحده والجغرافيا والتاريخ والثروة والسلطه فهذه ادوات الانتاج الحضاري الكبرى للامم ولكن انى يكون ذلك !!!

• في السنه السادسه من البعثة النبوية المباركة فرضت قريش حصارا اقتصاديا واجتماعيا على النبي العربي الامين وقومه من بني هاشم – بعد ان عجزت عن اقناعه بالتنازل عن دعوته حيث مكث رسولنا العربي الامين ثلاث سنوات يصارع الجوع والعطش والتعذيب به وباصحابه الذين التفوا حوله كما يلتف السوار حول المعصم –حيث حزمت قريش امرها على تفشيل مشروعه الدعوي الانساني الحضاري في اطار الحصار الاقتصادي الاجتماعي الظالم الذي جاء فيه (لا نبيع للنبي ولا ال – هاشم ومحمد وأصحابه ولا نشتري منهم. , لا نعاشر بني هاشم ولا المسلمين ولا نبني أي علاقة معهم,لا نزوجهم من نسائنا ولا نتزوج منهم ,لابد من الدفاع عن كل من يعادي محمد ) – ومع كل هذه الوسائل اللاخلاقيه و في التعامل اللاانساني صمد النبي وصمدت معه الفئة المؤمنة بالقيم والمبادىء الى ان رفع هذا الحصار الظالم عنه وعن اصحابه وحقق برسالة خالدة اول حضاره انسانية تنشد العدل والحياة الكريمة في ظل مجتمع متعدد الاعراق لكنه متوحد في العقيدة والنهج والمضمون – ووطننا الاردن الحالي يتعرض لضغوط و تحديات و صعوبات اقتصادية و سياسية و اجتماعية, بعضها وليد مواقف مشرفة , و قفها الاردن تجاه القضايا العربيه, و تحمل نتائجها لوحده; و بعضها فرضتها الجغرافية السياسيه ‘ الجيو بولتكس’ نتيجه لاحداث و متغيرات اقليمية و دوليه القت بظلالها و تاثيرها على الشأن المحلي مزيد من الصعوبات و خلقت تعقيدات جديدة. عطلت برامج التنمية المخطط لها و اصبحت الحكومات المتعاقبة تعمل على معالجة ردود الفعل و تاثيرها .
فالسنوات الاخيره تعددت فيها الادارات التنفيذية اضافة الى ذلك تميزت هذه الادارات بضبابية الرؤيا و عدم وجود استشرافية ثاقبه للمستقبل. مما كرس تفاقم هذه التحديات ايضا فزادت من تعقيدات المشهد الداخلي مرة ثانية و اخلت بشبكة العلاقات و التوازنات الداخلية و الخارجية, مما كرس وضعا اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا – اقل ما يمكن ان يوصف- بانه وضع غير مريح و لا يحمل بطياته الكثير من التفائل. زد على ذلك استمرار معاناة المواطنين الذين عاشوا فترات طويله ينتظرون وعود الساسة من مخرجات العملية السلمية التي وعدوا بها من انها ستجلب لهم اللبن و العسل المصفى – و لكن انى يكون ذلك ؟ لقد استيقظ المواطنون من هذا الحلم الثقيل – حلم وعود السلام- ليجد نفسه في خضم من الازمات كانت البطالة تشكل الدائرة الكبيرة فيها و يليها الفقر الذي امتدت مساحاته لتشمل مساحة الوطن, و زاد الامر سوء الارتفاع في الاسعار و بدأت دخول الطبقة الوسطى – الرافعة الاساسية للمجتمع – في التآكل و اصبحت هذه الطبقة الاكثر تحملا تئن من وطآت الاعباء و الديون و بدات الطبقة الوسطى بالتململ و رفع الصوت الاحتجاجي عاليا في كل الاوقات نتيجة للازمات المتلاحقة في اسعار المواد و قضايا المياه و الطاقة و زاد الطين بله الهجرة العكسية من دول الخليج تجاه الاردن نتيجة الازمات الاقتصادية و المالية و الحروب التي ضربت اسواق المال و الاعمال في تلك البلدان و انعكس تاثيرها على العمالة الاردنية و في نفس السياق فان الفساد بشقيه المالي و الاداري برزت دوائره بوضوح تام و بدون مجهر نتيجة لسياسات الليبراليين الجدد الذين هبطوا بالمظلات الى الوظيفة العامة دون سابق انذار و بدون خبرة بالشان العام بعد ان هرب البعض اموالهم الى الخارج في استثمارات لم تستفيد البلاد منها و بدؤا يعيثون في الدوائر فسادا فظهرت اعمال السمسرة و التنفيعات و الاعتداء على المال العام و اختراق القوانين و الانظمة الناظمة للعمل بحجة الاصلاح الاداري للبيروقراطية الادارية القديمة و لم يعلموا هؤلاء ان هذه البيروقراطية هي التي حافظت على الاردن و على المال العام من الهدر لسنوات و سنوات – و بدأت حملة توزيع الدرجات العليا على المعارف و المحاسيب و الجيران و الاصدقاء و كأن الوظيفة العامة تركة من تركات ميراث ابائهم و اجدادهم و نسوا ان العمل العام هو – تكليف لا تشريف – و ان للوظيفة العامة تقاليد و اعراف و معايير و توازنات وان اي خلل في هذه المعادلة سيؤدي الى حالة عدم الاستقرار المجتمعي . و شددوا الخناق على كل من يعارض هذه السياسات التي ثبت فيما بعد عقمها . و مارسوا سياسات الاستيداع و الاحالة على التقاعد المبكر لعشرات العاملين الشرفاء دون وازع ديني او رادع اخلاقي او قيمي.
اما على الصعيد السياسي الخارجي فان الهدف غير المعلن لحصار الاردن من بعض الانظمه العربية والتي تدور في الفلك الامريكي الصهيوني هو النيل من صموده وضرب وحدته الداخليه وتأزيم الشارع بالمطالب المعيشيه من خلال حصار اقتصادي وخلق حالة – شعب ابي طالب – من جديد لخدمة هذه المرة المشروع الصهيوني وانجاحه في المنطقه على حساب المشروع العربي وتغيبه كقوة مؤثرة وفاعلة واستبداله بكيانات متناثرة هنا وهناك واغراق المنطقه بالاقتتالات الطائفية من خلال التلاعب بحبال المذهبية والطائفية والجهوية والقبلية وكذلك في تكريس مقولة الخيار الاردني, و شبح التوطين و الكونفدرالية الثلاثية المزعومة مازال يخلقان فوبيا و هاجسا وطنيا للمواطن الاردني في ظل تخاذل عربيّ و تشرذم و تخندق في معسكرات المواقف و الاتجاهات امام حكومة اسرائيلية متطرفة تعادي السلام و تعمل على تكريس الاحتلال بزرع المزيد من المستوطنات في خاصرة الاراضي العربية الفلسطينية المحتلة, و مع ان تطلعات الجماهير العربية و مطالباتها لانظمتها الرسمية يدعوا الى الانتقال الى موقف اخر اكثر جدية و فاعلية يعيد فيها العدو حساباته و يعود الى طاولة المفاوضات و بشروط اقل ما يمكن انها تلامس جزء من هذه التطلعات – الا انه حتى الان لا توجد مجرد بوارق امل لمثل هذا المواقف الوطنيه .. .
ان التحديات التي تواجه بلدنا كبيرة و يمكن لنا ان نتجاوز الكثير منها باجراءات و سياسات و اعمال – اولها – العمل على تصليب جبهتنا الداخلية من خلال و ضع الرجل المناسب في المكان المناسب و تحقيق مبادئ العدالة و النزاهة و الشفافية في التعيينات للوظائف العليا و عدم تهميش سكان المناطق البعيدة عن العاصمة و العمل على توزيع مكاسب التنمية على كافة المحافظات بعدالة و مساواة , و وضع برامج و طنية تعمل على تعزيز المواطنة سلوكا عمليا و واجبات و الاستمرار في تمتين نسيج الوحدة الوطنية و تعميق الثقة بين المواطن و المسؤول و اشعار المواطن بانه شريك في صنع القرار و ليس مجرد رقم لدفع الضرائب – مثل هذه التوجهات و الاجراءات كفيلة باخراج الوطن و المواطن من ازماته و تحدياته وذلك من خلال مؤتمر وطني جامع لكافة القوى الحية والفاعلة في المجتمع الاردني تناقش فيه الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمس الوطن بكل شفافية ومصداقية عالية ودون تدخل في مخرجاته من سين اوصاد – فما حك جلدك مثل ظفرك هكذا قيل في الماضى وننردده الان .

شاهد أيضاً

تعزيز تنافسية المنتج الأردني

هرمنا الاخباري-نستطيع القول أن تعزيز تنافسية المنتج الأردني تعتبر حلقة أساسية في اطار الجهود التي …