أخبار عاجلة

نحو بناء الثقافة القومية في مواجهة مشاريع التجزئة

بقلم :د. زيد احمد المحيسن

تعد الثقافة أداة أساسية ورافعة هامة من أدوات النهوض العربي ونشر الوعي الفكري والقومي وإشاعة التقدم الحضاري والإنساني، وهي سبيل من السبل الرئيسة في بناء الوعي الروحي والوجداني والعقلي، ولا شك ان الامة العربية قد انجزت في صيرورتها التاريخية الطويلة أكبر مشروع حضاري إنساني عبر التاريخ من قيم وإنجازات روحية ومادية لاتزال آثارها شواهد على عظمة هذه الأمة وميراثها الحضاري.
ولكن هذه الأمة اصيبت، في العصر الحديث، في مقتل نتيجة للظلم والاستبداد والتخلف الذي لحق بها من خلال فترة الإستعمار وهي المرحلة التي عملت على تمزيق أوصال العالم العربي الى كيانات قطرية متصارعة متنازعة دون وجود أسباب لهذه النزاعات، اللهم إلا لإرضاء الدوائر الإستعمارية وأجندتها في المنطقة العربية، وهذه الصراعات ماتزال حتى الآن تزداد دوائرها لتصب في صالح أمن واستقرار الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين.

لقد ادى التشرذم العربي الى اضعاف فكرة الوحدة العربية التي هي أمل الشعوب العربية، كذلك محاولات الدولة القطرية تكريس نفوذها من خلال التحالف مع كيانات ليست عربية لضرب المصالح العربية، وما يحدث الآن من قواعد لتركيا وإيران في المنطقة العربية يعد شاهداً على هذا الفعل المرفوض أصلاً – جملة وتفصيلاً.

لقد طُردت القواعد الأجنبية من بلادنا من خلال القرن بعد أن قدّم جيل الأجداد والآباء تضحيات كبيرة، وعمدوا مسيرة الوطن وثراه بدمائهم الطاهرة الزكية، وها هم الأبناء يهدمون، بكل اسف، ما حققه الأجداد من منجزات حضارية وفكرية ومادية، من خلال اعدة زرع القواعد الأجنبية في بلادنا مرة ثانية.
لقد لعبت الثقافة العربية والفكر العربي الوحدوي دوراً هاماً وطليعاً في بناء النسيج الوطني العربي وهدم العديد من الحواجز الإجتماعية التي صنعها الإستعمار الغربي في أوطاننا، واستطاعت الأمة عبر مسيرتها التاريخية الطويلة بناء الإنسان العربي القادر على مواجهة التحديات مهما عظمت، إلاّ أن إنهيار البنيان بتبدل الأجيال لايعني ان الأمة ستبقى جامدة دون حراك أو مقاومة لمشاريع الفرقة والتجزئة.
إن ما يجري يوميا في باحات الأقصى والقدس واعتداءات مستمرة على غزة وما يجري بشكل عام في فلسطين وسوريا والعراق وليبيا ومصر وتونس واليمن كفيل بأن يدق ناقوس الخطر ليوقظ الضمير والوجدان العربي مرة ثانية من هذا السبات العميق الذي استحال إلى عجز وخمول شبه دائم، فهذه المآسي اليومية التي تحدث في ديارنا العربية، إذا لم تفعل فعلها في إعادة التفكير في المشروع العربي الجامع، فما هي إذن الأحداث التي ستوقظنا من غفوتنا ؟؟!!
إن الشعب العربي في فلسطين والأردن بشكل خاص يقف في طليعة الشعوب المؤهلة لحمل المشروع العربي وفي مواجهة التحديات الصهيونية ومؤامرتها العلنية والسرية تجاه الأمة، فالنهضة بحاجة ماسة إلى الشعوب الواعية لتعليق جرس الحركة، ولكن في نفس الوقت بحاجة أكثر إلى طبقة المثقفين والمفكرين الذين يقودونها نحو الأهداف المرجوة بوسائل جديدة ورؤية استراتيجية تجمع كل الطامحين للوحدة والتقدم .. نهضة تنقل الأمة من طور اليقظة إلى مرحلة العمل الجدي، ومن خلال تجميع الطاقات والإنطلاق من القواسم الجامعة والمشتركة للعاملين وعدم إقصاء أي جهد نافع يصب في هذا المضمون.
ومن أجل تصويب المسار وإزالة أسباب الهزائم في داخلنا وإعادة بناء الوعي العربي بقضايا الأمة والمصير الواحد والهدف الواحد بوسائل عصرية تعمل على تحقيق المجتمع العربي الجديد الذي يقوم على الديموقراطية والتعددية والحرية والعدالة الإجتماعية في توزيع الثروة والسلطة، ويوفر الكرامة للجميع لتنهض الأمة العربية بدورها كفاعل في المشروع الحضاري الإنساني مرة ثانية وليس مفعولاً بها.

شاهد أيضاً

تعزيز تنافسية المنتج الأردني

هرمنا الاخباري-نستطيع القول أن تعزيز تنافسية المنتج الأردني تعتبر حلقة أساسية في اطار الجهود التي …