أخبار عاجلة

يستاهل البرد من ضيع عباته

هرمنا – كتب / عماد قاسم عودات

لقد كان مفهوم التغيير ملازما للإنسان في جميع مراحل حياته وعبر مختلف العصور والأماكن. فكل شئ تقريبا في حياتنا قابل للتغيير وقد يشمل التغيير الأمور الملموسة وغير ملموسة. فنحن نغير كل فترة أثاث بيتنا وملابسنا وأجهزتنا الالكترونية وقد نغير أماكن سكننا وقد تسافر إلى بلد آخر وقد نغير أماكن عملنا و قد تتغير آرائنا واهتماماتنا ومواقفنا وطموحاتنا. والتغيير من الأمور الضرورية والمرغوبة إذا كان نحو الأفضل ولكن ضمن شروط تضمن تحقيق الأهداف المرجوة منها. ومن شروط التغيير الجيد: التدرج والتخطيط.

ولكن التغيير قد يكون نقمة وغير مرغوب به إذا كان نحو الاسوأ وقد يكون مكلفا جدا. فمثلا قد يكون أمر تغيير نظام التشغيل الخاص بجهاز حاسوبك أمرا سيئا. و كذلك قد يكون تحديث البرامج الخاصة بموبايلك أمرا لا ينصح به اذا كان غير مدروسا وبدون علم باثار التحديثات الجديدة على عمل الجهاز ومدى توافقها مع بقية البرامج. فقد يكلفك ذلك الوقت والجهد والمال الكثير وقد تخسر جهازك اذا كانت التحديثات لا تتناسب مع امكانيات جهازك.

ما يبهرني في بلد مثل كندا هو تقديرهم لمكونات الطبيعة. فمن المستحيل أن يغيروا ملامح الطبيعة بسهولة. فتجدهم مثلا يخططوا الشوارع والجسور والأنفاق بما يتلائم مع وجود الاشجار والانهار. فمثلا اذا وجدت شجرة في منطقة سكنية فإنهم يتركوها على حالها كما هي ويجب على مهندسي الشوارع أن تتلائم مخططاتهم الهندسية بحيث لا يؤثر الشارع على الشجرة ويمنع قطع الاشجار أبدا على الرغم أن كندا تعتبر ثاني أكبر دولة بالعالم بالنسبة لعدد الأشجار.

وبالمقابل نجد في بلادنا العربية كالاردن مثلا نقيض ذلك. فقد تجدهم يغيروا ملامح الطبيعة كاملة لإنجاز مشروع فاشل مثل مشروع الباص السريع الذي دمر مختلف مناطق العاصمة عمان وساهم بشل الحركة المرورية وإهدار المال العام وولد الإحباط لدى الناس وساهم بانعدام الثقة بين المواطن والحكومة. ونتذكر كيف قطعت بعض الجهات الحكومية أشجارا حرجية معمرة في عجلون لانجاز أحد المشاريع هناك.

وقد طال التغيير (نحو الأسوأ) شتى جوانب حياتنا. فمثلا لاحظت بالسنوات الأخيرة أن التغيير نحو الأسوأ أصبح يتوغل في جميع عناصر العملية التربوية. فمثلا تم تغيير مناهج المدارس واستبدالها بمناهج مدرسية مستوردة مثل مناهج كولينز وترك المناهج القديمة التي أثبتت جدواها والتي تربت عليها مختلف الأجيال وأعدها علمائنا من المدرسين والدكاترة الافاضل و استوردته الكثير من الدول العربية لقوتها وجودتها المنقطعة النظير.

ولكن أشد ما يؤلمني تغير نظرة الحكومة وبعض الأفراد للمعلم ونقابته التي لا يوجد لها هدف سوى الدفاع عن المعلم وضمان أن يعيش المعلم حياة كريمة والمطالبة بحقوقه وتحسين أحواله. و للأسف تابعنا كيف يحاول بعض المسؤولين شيطنة نقابة المعلمين وإقحام بعض أعضائها بأمور سياسية هم بعيدين كل البعد عنها وجميع مطالبهم مهنية.

فالمعلم لم يتغير، فهو ما زال على العهد وما زال يربي النشئ الصالح الذي يبني الوطن ويرفع رايته عاليا ويحترم مؤسساته المختلفة. والمعلم هو من يغذي الروح الوطنية في نفوس الطلاب ويربي الأطفال على التحلي بمكارم الأخلاق وهو من علمنا بأن الأوطان لا تبنى إلا بالعلم والمعلم. ونسأل الله عز وجل أن يهدي صانع القرار في بلدنا بأن يغير نظرته نحو المعلمين ونقابتهم. وبأن لا تتغير مؤسساتنا ومسؤولينا وقرارتهم إلا نحو الأفضل.

(للحديث بقية)

شاهد أيضاً

تعزيز تنافسية المنتج الأردني

هرمنا الاخباري-نستطيع القول أن تعزيز تنافسية المنتج الأردني تعتبر حلقة أساسية في اطار الجهود التي …