أخبار عاجلة

إرث الصُباح .. المحامي بشير حسن المومني

هرمنا – أزعم أنني من جيل تذوق الحياة وعاش تفاصيل استثنائية ولديه كم هائل من التجارب الفريدة فمواليد سبعينيات القرن المنصرم تحديدا مختلفون عن أي جيل آخر وقد تفتحت عيونهم على آثار هزائم الأمة وتحملوا تبعات النضال والمرحلة وكان يتوجب عليهم هضم واستيعاب واحتواء الجيل الذي عايش وصنع الهزيمة وأفرزها بعشرات الاتجاهات على جيلنا وقد بدأت حياتنا بلا هاتف او تلفاز وعايشنا الأمهات اللواتي خبزن الرغيف وصولا لأن يحظى جميع افراد اسرنا اليوم بهاتف محمول او اكثر كوسيلة المعرفة اما وسائل الاتصال التي كانت متاحة لنا فهي شيفرة صافرة طفل او قرع بحجر على عامود الكهرباء عندما كنا نتعرض للحظر الشامل بسبب ازعاج الحارة بلعبنا ووصولا للحظر الشامل بسبب الكورونا ولطالما انتفخت ايادينا الصغيرة من عصي المعلمين اذا تأخرنا بالواجب المدرسي واليوم باتت ايادي المعلمين تنتفخ من كثر صناعتهم لوسائل التعليم ولقد كانت صدمتنا كبيرة عندما انتقلنا اول مرة للعالم الرقمي لنكتشف ان ظهر منزلنا عليه مئات القنوات التلفزيونية ونحن لا ندري وكنا فقط بحاجة لصحن دائري كبير لالتقاط الاشارة ..

جيلنا تفاصيل حياته ضخمة لا بل هائلة ولقد عايشنا كل شيء تقريبا ولربما اسوأ ما شهدناه كان الغزو العراقي للكويت الشقيقة وقد أدى إلى ما أدى إليه من صراعات وحروب وويلات وثبور وسقوط نظرية الحدود الآمنة الاسرائيلية وسقوط التضامن العربي وسقوط قيم الوحدة والحرية واشتراكية المصير تحت بسطار الاحتلال الامريكي وشهدنا بأم أعيننا كيف يتغير العالم كله ويتبدل ولكن بمقابل تلك التبدلات شهدنا أيضا ثبات الكويت كدولة مؤسسات وسياسات وقيمة اخلاقية ومعرفية ووجودية لتتجاوز كل ما حاق بها وأصابها من ألم الغزو وقصر النظر واستجلاب العدو الامبراطوري ونشوء انساق ما دون الدول وذهبت الايام وبقيت حكمة الكويت واخلاق الكويت واصالة شعب الكويت ..

قبل أيام هرول بعض الاشقاء لتطبيع العلاقات مع العدو الصهيوني وهذا شأنهم ولن يضير الصخرة وقبتها ولن يغير في مفردات صراع وجودي قرار لا يتجاوز سقف اطفال الحجارة لكن كويت مرزوق الغانم الذي استطاع طرد ممثل الاحتلال من المحافل الدولية وخطف قلوبنا اعلنت انها هي هي لم ولن تتغير وان سياستها كانت ولا تزال وستبقى تعبر عن نبض شعبها العروبي حتى النخاع أما مجلس الشعب الكويتي فتلك قصة عن حالة ديمقراطية استثنائية قياسا بعمق الألم العربي جسد موقفا اخلاقيا للتاريخ بأن هنالك أمل بتحول ديمقراطي وشاهدنا بأم أعيننا شعبا يسقط ممثليه المنتخبين حكومة عربية او يزيحونها عن المشهد بلا دماء في شوارع عواصمنا فالكويت قصة عربية تحتاج الى تأويل أما جيلنا فلقد نشأ على ( سلسلة عالم المعرفة ) لتؤكد اننا امة قادرة على الانتاج ولو علكها ولفظها الدهر أما تأويلها هي أنها وثقت حكاية جيلنا تحديدا بكل تفاصيله وهذا هو إرث الصباح .. رحم الله الامير الفاضل صباح الصباح وتعازينا للكويت .. كل الكويت

المحامي بشير المومني

شاهد أيضاً

تعزيز تنافسية المنتج الأردني

هرمنا الاخباري-نستطيع القول أن تعزيز تنافسية المنتج الأردني تعتبر حلقة أساسية في اطار الجهود التي …