أخبار عاجلة

موت وخراب ديار !! المحامي بشير حسن المومني

لاحظوا .. في كل عملية دفن هنالك شخص يقف على رأس القبر لا هو بالقريب ولا بالبعيد ولا من ذوي المتوفى ولا منقطع الصلة عنهم لكنه الحاضر في كل مصيبة وأهم ما يميزه أنه ( ثقيل دم ) وتجده يرتدي دائما ( بدلة لون كحلي ) وربطة عنق يخالطها اللون الاحمر ويضع ( حطة وعقال ) ومن طقوسه أنه يرتدي دائما نظارة شمسية ولا أدري ما السبب وعند تسجية الميت تراه يشعل سيجارة مراقبا لعملية الدفن ( فينط ) ويبدأ بإعطاء الاوامر .. ( زيح لليمين شوي .. زيد مي على الطين .. ادحش حجر بالزاوية ..هيل تراب هناك .. ) !!

( ثقيل الدم ) لا توجد له أي صفة ولا حتى أهمية وبالرغم من أنه صاحب الصوت العالي فلا حفار القبور أو الشباب يلتفتون إليه فهم يعرفون عملهم جيدا ويعرفون أيضا ( ثقيل الدم ) الباحث عن مكان تحت الشمس ( فحارتنا ضيقة ) لكنه يصر على أن يظهر في مثل هذه المناسبات التي يصمت فيها الجميع ويتنطع حضرة جناب الفيلسوف ليقوم بالتنظير وإعطاء التعليمات والنصائح وفجأة دون سابق إنذار تجده يقفز قبل انتهاء الدفن ليقف إلى جانب كبير عائلة المتوفى ويبدأ ( بالوشوشة ) ليوحي للموجودين بأن هنالك ترتيبات خاصة فيما بينه وبين ( ربع المجبرين ) وأنه على صلة قوية بهم وصاحب ( المونة والشورة ) اما كبير العائلة السارح في عالم الغيب تجده كلما ( وشوشه ثقيل الدم ) يهز رأسه بالايجاب ..

في أحد الأيام كان ( ختيار عصبي ) حاضراً على دفن أحد أموات القرية من أهلها الفقراء الاقل حظا وكالعادة حضر ( ثقيل الدم ) وبدأ بالتنظير وإعطاء التعليمات والتوجيهات وعند انتهاء الدفن نادى في جموع المشيعين ( عليها جيرة الله الجميع على الغدا في المضافة ) مما أصاب أهل المتوفى بالصدمة والاحراج لعدم وجود طعام اصلا لكن لحسن الحظ أن ( الختيار العصبي ) كان موجودا فلم يتحمل ما يحصل فصاح غاضبا ( الله أكبر شو هي السولافة موت وخراب ديار كمان !!! ) فانصرف الجميع الى بيوتهم ..

في عالم السياسة والاقتصاد والأمن وغيرها من شؤون البلاد والعباد هنالك دائما شخص ( ثقيل دم ) تجده يقفز بدون سابق انذار ويقوم بنشر تسجيلات المرئي والمسموع واستخدام تكتيك ( الطبل ) الذي كلما كان أجوفا علا صوت قرعه فيحاول أن يوحي بأن لديه اتصالات ومعلومات وينسج قصصا من وحي الخيال والفبركات لا لشيء سوى أنه يبحث عن مكان لذاته تحت الشمس ولو كان ذلك من قبيل ( ثقالة الدم ) فينتهز فرصة انشغال أصحاب المأتم بمصيبتهم ليرثي وينعى ولربما صب الدموع للفت النظر علما أنه لا يشكل بطرحه ودموعه أي قيمة مضافة على حالة الدفن التي يدركها الجميع والعجيب أنه لا يقدم حلاً واحداً للمصيبة بل على العكس من ذلك تماما فبالإضافة للموت لا يملك إلا ( خراب الديار ) لأنه لم يجد مثل ( الختيار العصبي ) ليشكمه .

شاهد أيضاً

تعزيز تنافسية المنتج الأردني

هرمنا الاخباري-نستطيع القول أن تعزيز تنافسية المنتج الأردني تعتبر حلقة أساسية في اطار الجهود التي …