مقالات

أما آن للضمير العربي أن يستيقظ؟!

بقلم: د. زيد أحمد المحيسن

منذ آلاف السنين، عاش شعبٌ أصيلٌ على أرضه، يزرعها بعرق جبينه، ويحصد خيراتها بيديه. صدَّر إنتاجه ليُطعم الآخرين، وبنى على تراب وطنه حضارةً ضاربة الجذور في عمق التاريخ. لم يكن يومًا طامعًا في أرض غيره، ولم يسعَ إلى الهيمنة أو التوسع، بل كان مثالًا للسلام والعطاء.

ثم اندلعت حروبٌ لا ناقة له فيها ولا جمل، فوجد نفسه ضحية صراعات لم يكن طرفًا فيها. احتُلَّت أرضه، وهُجِّر من بيته، وشُرِّد أبناؤه في المنافي والمخيمات. لقد حلّت عليه “النكبة”، وما زال العالم شاهدًا على واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في العصر الحديث.

جاء الغزاة مهاجرين، ثم ما لبثوا أن تحوّلوا إلى محتلين. استوطنوا المكان، واستعمروا الإنسان، وسلبوا الأرض والممتلكات. سيطروا على الجغرافيا من البحر إلى النهر، مستغلين ضعف الزعامات وخذلانها، ومتسلحين بدعمٍ دوليٍّ يتعامى عن الحقيقة.

أصحاب الأرض الشرعيّون يعيشون اليوم في المنافي، يلاحقهم الحنين ويُنهكهم الشتات، بينما المحتلّ يرتع على أرضهم، يبني مستوطناته، ويفرض هيمنته بالقوة والسلاح. الضمير الإنساني غائب، والتضامن الشعبي في غفلة أو غيبوبة. وحدها رائحة الدم والبارود تعبق في الأجواء، ووحدها الجنازات تملأ الطرقات.

جيش الاحتلال لا يكلّ ولا يملّ من القتل والقصف، وشعبٌ أعزل، لا حول له ولا قوة، يشيّع أبناءه إلى المقابر، ويواجه قدره بصبرٍ وكرامة.

أما آن لنا أن نصحو؟!

أما آن أن نصرخ في وجه الظلم والطغيان؟!

كفى قتلًا وتشريدًا… كفى صمتًا وعجزًا!

نحن اليوم بأمسّ الحاجة إلى صحوة ضمير، إلى صوتٍ إنسانيٍّ عادل، إلى موقفٍ أخلاقيٍّ راسخ يصرخ في وجه المجازر، ويقول:

أوقفوا هذه الحرب… أوقفوا هذه المجازر.

مقالات ذات صلة