أخبار عاجلة

الكتلة الهلامية والكتلة الحرجة ! … المحامي بشيرحسن المومني

هرمنا – لدينا أزمة أردنية أعمق مما يتصوره البعض بما فيها حتى ما يسمى معارضة والتي اخفقت أيضا في تشخيص المشهد الأردني البائس فأزمة الدولة اليوم يمكن بحثها في سياق كتلتين الاولى تم فيها صناعة كتلة هلامية والثانية هي نتيجة طبيعية لنشوء الكتلة الاولى وادت لتشكل الكتلة الحرجة ولا توجد دولة في العالم كله تتقن ما تتقنه منظومة السلطة من فن عزل المثقف الوطني كما يحصل لدينا في الأردن ولا يمكن أن نجد إجابات حقيقية ولو في معرض الشك والاستفهام لعملية تسطيح وتسخيف المشهد الأردني وعند تناول أهم الاسئلة التي تستحضر ذاتها بدافع الكم الكبير من الازمات التي شهدناها في السنوات الاخيرة فلا أدري ما الذي تفتق عنه عقل الدولة من عبقرية – إن وجد – لتقوم بخصي ابنائها بيدها أما ما يفترض فيه بأنه غشاء عاقل قادر على القيام بمهمة فلترة هندسة الاعتقاد الجارية على قدم وساق لاعادة انتاج منظومة الوعي الجمعي للاردنيين باتجاه اسقاطهم لدولتهم بأيديهم فلم يعد حاضرا بالمشهد ليقوم بتمييز الغث من السمين فلا ربيت لدينا صدقات منظري الدولة ولا وضعنا إصر مرتزقة القلم فجرى تحييد منظّري الدولة وتقديم مرتزقة المعرفة لرأس الدولة في الوقت الذي كانت تساهم بتسخيف النمط الاعلامي وافساد الذوق السياسي للمواطن وتقوم بعمليات الضخ السلبي داخل المجتمع أما سبر غور المشهد فتلكم حكاية مؤلمة لكل وطني حر ..

حول استهلالية الكتلة الهلامية اتساءل كثيرا عن سر غياب او التغييب القسري للمثقف الوطني الأردني وترك نظام الحكم بلا غطاء معرفي ونزع الدسم من القلم بحيث أصبحنا كدولة نوصف كحالة اجرائية لا أكثر هدفها تنظيم العلاقات البينية بموجب أي دستور ووصلنا لمرحلة أننا بتنا عاجزين عن الإجابة على أهم سؤال يحدد الاتجاه الوجودي للدولة برمتها ومفاده ( ما هي رسالة الدولة الأردنية ) !!!؟؟؟ والذي ينشأ عن اجابته تحديد مشروعنا الوطني الاردني بإطاريه العام والخاص واتجاهات هذا المشروع وبكل أسف أقول أنه لا يوجد لدينا ( منظّر للدولة ولا منظّر للحكم ولا منظّر للازمة ولا حتى منظّر للمعارضة ) !!! لقد جرى تحييد فيلسوف الدولة الذي يصنع مفكر السلطة والذي بدوره يصنع مثقفي المشروع وبالتالي الرأي العام فلا تجسيد لسلسلة القوة الناعمة والقوى الخشنة على حد سواء في عمليات التعبئة الفكرية والنفسية الوطنية القادرة على رفع مستوى التضحية وتقديم العام على الخاص وبناء المواطن المنتمي للمشروع لأنه ببساطة لا وجود لمشروع للدولة ولا وجود لفيلسوف الدولة القادر على انتاج المشروع او هكذا أريد ولا يتخطى المشهد حالة وجود كتلة هلامية من اصحاب الاقلام غير القادرة على بناء تصور حول هذا الأردن ..

من يعتقد أن المؤسسية يمكن ان تكون بديلا عن الكتلة المثقفة الوطنية الصلبة التي تعيد بناء هندسة الاعتقاد في عقلية ونفسية المواطن فهو احمق لأن النتائج واضحة تماما اما بؤس المشهد الذي نراه يمكن تشخيصه بالعبارة التالية ( فارسنا مذبوح وكريمنا مفضوح ) وحقيقة من المؤسف ان يكون فيلسوف الدولة ومنظّرها أتفه موجود في حين انه اعز مفقود حتى أضحينا أمام حالة من ( الكتلة الهلامية ) لأنصاف لا بل ارباع مفكرين لا يتجاوز نطاق احدهم سلالة كاتب غير قادر حتى على خلق اي فارق واحداث اي تغيير مطلوب من حيوية سياسية وتطوير للذات لانه جرى تمييع وجودية القلم الوطني – حد الاغتيال – ولم يسمح للكثير ممن لديهم تصور حقيقي عن وصف الماهية للمشروع النهضوي الأردني حتى بمقابلة الملك ولو بشكل عابر في حين كان يجري استدعاء كويتب على هامش المعرفة او مرتزق بغية الاحتواء او تكرار السلالة الامبراطورية لبعض الاعلاميين والكتاب لمقابلة اهم صاحب قرار بالدولة عشرات المرات وليرمى المؤهل القادر على صناعة القرار ولو بفكرة يقدمها لصانع القرار على مذبح التغييب القسري !

المشهد البائس اعلاه كان خصيا حقيقيا لما كان من الممكن تشكيله من كتلة مفكرة صلبة تحمي الدولة والعرش لكن آثر ( عباقرة ) المرحلة إلا ان يتم اقصاء كوكبة من اهل الفكر لحساب تسخيف المشهد الاردني واختزاله لصالح منظومة التفكيك الناعم للنظام الجارية على قدم وساق لذلك وجدنا كثيرا من اهل المعرفة قد نأى وبرأ وربأ بنفسه عن المشهد الكئيب الذي لا يمكن تفسيره سوى بتعمد الولغ في صحن الدولة وتركه شرعة لكل وارد مما هب ودب ولعل اسوأ ما فيه ما شهدناه من تعزيز لمنظومة الاحتجاج السلبي فكلما ارتفع صوت الثغاء ارتفعت معها مناسيب استجابة السلطة في متوالية ضعف واستجداء الموقف لا يمكن ان ينبيء سوى عن دولة مرتجفة بكل مفاصلها حتى أصبحنا نكتة في هذا المقام ..

المشهد مرعب بكل ما تحمل الكلمة من معنى فعبر تاريخنا الوطني لم نجد مثقفا وطنيا إلا ما ندر وإن وجد جرى استهدافه بالصميم وتنحيته عن المشهد اما الكتلة المثقفة الصلبة من مفكرين يظهرون بالمشهد القاتم ليزيدوه قتامة فهم ابناء تيارات لم تولد اصلا بالاردن فقلمه إما إخواني أو يساري المرجعية لا أردنيها لذلك هو مناويء كلاسيكي للملكية فعملية البناء المعرفي المثقف داخل الدولة كانت عبر التاريخ تبدأ من الخارج نحو الداخل وليس العكس فوجدنا أن اردوغان مثلا أو بشار الاسد له مؤيدون اكثر من نظامنا الهاشمي كنتيجة طبيعية لمعادلات الارث السياسي والقلم الصلب القادر على تقديم المشروع الاخواني او اليساري المناويء للحكم والنظام الاردني وهذه المنظومة المناوئة القادرة فقط على الهدم كمشروع لا البناء وتمكنت من انتاج الكتلة الحرجة الساعية لاستكمال سلسلة اسقاط الدولة بشكلها الحالي لذلك تعمدت او اخفقت في توضيح مشروعها او تقديمه فالامر سيان لانها بالاساس لا تملك منتجا للنموذج الاردني واليوم وصلنا لمعادلات نسبية مرعبة ومخيفة تجاوزت العشرة بالمئة من المجتمع كحالة غير مترددة في التعبير عن مناكفتها لوجودية الدولة والنظام والملك شخصيا واستغرب جدا ممن تعرض لصدمة عندما تفجرت قضية الفتنة لتكشف عن حجم مرعب من التعاطف مع الامير الذي قدم نفسه بديلا ان لم يكن منافسا لرأس الدولة واخفقت كل مؤسسات الدولة في تقديم رواية مقنعة حتى لو كانت حقيقية عن تعرضنا لاستهداف وجودي مثلا ولا يوجد اي وضوح لما وصل إليه بؤس المشهد كنتيجة طبيعية لتغييب القلم والمفكر والمنظّر الوطني اكثر مما شاهدناه مما زاد في عملية ارتجاف الدولة واتجاهها نحو نمطية التبرير لكل قرار في حين أن نظريات الحكم تفيد حكما بأن القوة لا تبرر بل تحمل نفسها بلا مبرر ولا تتكيف بل يتكيف لها أما ما هو أسوأ من ذلك كله ان ينتج مصنع الدولة المفكك قرارا ولا يستطيع تنفيذه !!! للحديث بقية

شاهد أيضاً

تعزيز تنافسية المنتج الأردني

هرمنا الاخباري-نستطيع القول أن تعزيز تنافسية المنتج الأردني تعتبر حلقة أساسية في اطار الجهود التي …