سلايد شو

دولة المرحوم عبدالسلام رفض العلاج بالمدينة الطبية.

هرمنا الاخباري – عمان – قلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .
………………
بادئ ذي بدء نسأل الله له الرحمة ولجميع امواتنا أجمعين يا رب العالمين ، لقد صار لي لقاء مميز تذكرته وأحببت أن أكتبه حيث كان مع دولة المرحوم الدكتور عبدالسلام المجالي الذي كان له الفضل في تأسيس الخدمات الطبية وتطويرها من خلال خدمته بها واستلامه لقيادتها ، وكذلك لا ننسى أنه استطاع أن يغير في العقيدة التمريضية النسوية عندما طلب إشراك عائلات الضباط وضباط الصف في التمريض كخدمات تمريضية أو مراجعات مرضية حيث بدأ بنفسه أولا من خلال عرض بطاقة التأمين لزوجته وصورتها أمام كتائب الجيش وعلم ابنته التمريض في وقت لم يكن هناك خدمات تمريضية نسويه إلا في مجال القابلات و الولادات .

قبل حوالي عشر سنوات توعك المرحوم الدكتور عبدالسلام واحتاج الى عمل جراحي بالشرايين والقلب ، وتفاجئت مثل غيري بأنه قام بإجراء هذه العملية في مستشفى الجامعة الأمريكية ببيروت ولم يعملها في مركز القلب بالمدينة الطبية ، وكانت المفاجأة أيضا بأنه قد فضل العلاج بالخارج وهذا يعني تحمل أعباء مالية وتكلفة عالية عليه في حين أنه لم يفكر بالخدمات الطبية التي كان هو أول من أسسها وطورها وكونه مؤمن طبيا فإنه لن يتحمل أي كلف مالية ، علاوة على ذلك فإن الرعاية التي سيحصل عليها كونه رئيس وزراء أسبق وجنرال بالجيش ومديرها سابقا ستكون مميزة جدا وممتازة .
كل هذا الذي جرى لم أستطيع أن اتفهمه أو أن اجمطه بالعامية ، ولكن الذي صعقني ولم استطيع أن اتفهمه هو ما جرى بعد عودته إلى الأردن وإختياره مستشفى خاص للولادة ليستكمل إجراءات الخدمات التمريضية له حيث هنا بدأت القصة .
لقد زرته في هذا المستشفى وسألته عن هذه الأسئلة التي طرحتها في هذه المقالة حول تفضيله مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت لعمل العملية الجراحية وكذلك إختياره مستشفى خاص للولادة بعد عودته من بيروت لإستكمال العلاجات والخدمات التمريضية فأجابني باجوبة كانت مقنعة لي وأيضا وصادمة جدا جدا !! حيث قال لي بالحرف الواحد وأذكر كلماته التي لا زالت ترن بأذاني :
يا جنرال يا فصيح إن الطب تطور وتشعب بالإختصاصات ومن لم يواكب التطور العلمي بالطب لن يتقدم ، لقد كانت الخدمات الطبية بالماضي تهتم بهذا التطور وترسل ألأطباء الأردنيون إلى أفضل المراكز الطبية بالعالم ليتخصصوا ويتعلموا ويعملوا وينقلوا المعرفة إلى أقرانهم وزملائهم في الخدمات الطبية ، ولكن هذا الأمر قد تغير الأن ولم يعد كما كان بالسابق ، والطب هو علم وتطبيق وممارسة ومتابعة، وهذا ما نفقده الأن بالخدمات الطبية حيث صارت الإبتعاثات والدورات الطبية نادرة الحدوث ، كما أن الهجرات للأدمغة الطبية من الخدمات كَثُرت بسبب المغريات المالية من الجهات الخاصة ، وصار الطبيب بالخدمات الطبية إن لم يهجر الخدمات فإنه يوقع عقود سرية وخاصة مع القطاع الخاص لكي يحصل على المغريات المالية من عمله السري خارج الخدمات الطبية .
واستطرد المرحوم قائلا بأن أطباء الإختصاص بالخدمات الطبية والمستشارون الذين كانوا يأخذون ميزات مالية عالية تغنيهم عن العمل بالقطاع الخاص أو هِجْرَت الخدمات الطبية إضافة إلى أنه صار يشاركهم في هذه العوائد ضباط القوات المسلحة الميدانيبن من غير قطاع الخدمات والتي يفترض أن تقتصر فقط على الخدمات الطبية بكل فئاتها وليس فقط على الأطباء المستشارون والمدراء والقادة في القوات المسلحة الأردنية أمثال رؤوساء الهيئات و المساعدين وبعض المدراء في القوات المسلحة والذين صاروا يتنفعون من هذه العلاوات المالية في حين أن العاملين في نفس هذا القطاع من ممرضين وممرضات وفنيين وفنيات ومساعدين ومساعدات لا يحصلون على أي إضافات مالية لهم مع أنهم هم الجزء الأهم والمهم في إكمال الحلقات الطبية للمرضى والمراجعين .

وتابع دولة المرحوم بأن سبب لجوئه إلى مستشفى خاص للولاده بعد عودته من لبنان هو أن الخدمات التمريضة في مثل هكذا مستشفيات متخصصة بالولادة عادة ما تكون هي الأفضل في الخدمات الطبية المساندة ، ولهذا فضل المرحوم إستكمال العلاج بعد العملية الجراحية في مثل هكذا مستشفيات .
واستطرد قائلا بأن علينا أن لا ننسى أنه يجب أن يتم دعم الموازنات المالية للخدمات الطبية وان تكون أيضا منفصلة ولها ذمة مالية مستقلة .
وأخيرا وجه دولة المرحوم سؤال لي قائلا: روح اسأل يا فصيح من هو صاحب القرار في التعيينات أو التجنيد أو الإحالات للتقاعد في هذا القطاع ، فسألته الجواب ولكنه فضل أن أعرف من تلقاء نفسي .
ثم تابع حديثه (وهو يتنهد بتنهيده طويلة شعرت كأنها كانت كالعواصف التي تجتاح الخط الصحراوي في الأيام الشتوية الماطرة ) دولة المرحوم قائلا لي : لقد خدمنا وبنينا في هذا البلد حتى هرمنا وصارت أعضائنا الجسدية مستهلكة ولا تعمل إلا بنسبة 30% منتظرين الوعد الإلهي بأن يأخذ الله وداعته وأمانته ولكنني والله اتحسر على ما وصلنا إليه وعلى ما أسمعه من تراجع في الأداء ومن نقص في الأدوية في هذا القطاع ونقص في توفير الخدمات للمرضى العسكريين من العاملين والمتقاعدين وختم حديثه قائلا :
حسبي الله ونعم الوكيل في كل من قصر وأهمل في حق هذا الوطن ومؤسساته ، يا خسارة ويا عيب ويا خسارة .

نسأل الله الرحمة له ولجميع امواتنا أجمعين يا رب العالمين.

مقالات ذات صلة