أخبار عاجلة

ماذا بعد ،، حلل يا دويري،،

بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .
مع كل إحترامي وتقديري للواء الركن فايز الدويري الذي أُجِلّه وأحترِمَه لِفطنته وذكائِه ومطالعاته بالتحليلات التي كانت دقيقة وواقعية ومقنعة ، والتي كانت لها أيضا أثار إيجابية علينا وعلى معنويات المقاومة الفلسطينية وهدئت غضب بعضا من الشعوب العربية .
إلا أن تحليلات الدويري أو مقولة ،،حلل يا دويري،، كانت مثل الدواء المخدر لمريض السرطان من الفئة الرابعة حيث أن الدواء يُسَكِن الألم ولكنه لا يمكن له أن يعالج المريض أو يقضي على المرض .
حالة وفقرة ،،حلل يا دويري،، أكاد اشبهها أيضا بحالة الطبيب الشرعي الذي يقوم فقط بتشريح الجثث بعد موتها ، ويطلب منه إعطاء التفسيرات والتحليلات لكيفية الوفاة وزمانها أو مكانها .
وها نحن نرى يوميا نِسَب معدلات الموتى والشهداء من جرّاء القصف والعدوان الصهيوني على غزة والضفة بحيث نفقد يوميا ما معدله 100 إلى 200 شهيد أكثرهم أطفال ونساء وشيوخ ، إلى أن قاربت نِسَب الأموات في هذه الحرب إلى ما يقارب حوالي 100 ألف فلسطيني ، ولا ننسى ما يقوم به العدو الصهيوني يوميا من تدمير لكل ما هو بِناء سواء كان ذلك طريق وشارع أو مدرسة وكنيسة أو جامع و مستشفى ومخبز وخيمة ومقبرة ، حتى وصلت نسبة التدمير في غزة إلى حوالي 90% من البُنى التحتية .

وها هي أيضا الشعوب العربية تفرح وتنبسط عندما يخرج عليها الجنرال فايز الدويري ويحلل بأن المقاومة من مسافة الصفر وبعملية نوعية استطاعت ان تدمر دبابة الميركافا العحيية أو ناقلة الجند الفريدة من نوع النمر أو الجرافة عسكرية و قتل من فيها من الجنود الصهاينة ، ونتناسى بأن نِسب الخسائر البشرية في الشعب الفلسطيني قد تجاوزت ال100 الف وأعداد النازحين قد بلغت مليون ونصف مشرد وبلا مأوى ولا ماء أو غذاء وكهرباء ، وتم تدمير كذلك كل الأبنية التحتية وشبكات الطرق والخدمات على مساحة 365 كم مربع في غزة .
وها هي أيضا الشعوب العربية التي صار عندها عادات بعد هذه الحرب والتي لا تغني ولا تسمن من جوع ، مثل الخروج إلى الشوارع بعد صلاة الجمعة واستغلال اعداد المصلين الكثيرة لإظهار حجم وضخامة المظاهرات ، وإطلاق عبارات الإستنكار والشجب والتهديد بهتافات ملحنة ، وكذلك صار عندنا دعاء غزة في خُطب المساجد وإقامة صلوات الغائب على الأموات بعد انتهاء صلاة الجمعة ، ثم بعد ذلك نتوجه لمشاهدة بعضا من الشاشات العربية التي وكأنها تتبع للمحيط المتجمد الجنوبي ، حيث لا يعنيها شيء في عالمنا العربي والإسلامي ، لا بل إنها صارت عبارة عن شاشات للدعارة ومحفزة على الشذوذ والمثلية الجنسية ، أو أنهم يتابعون شاشات عربية أخرى قد استقدمت العشرات من الدويري لتحليل نوع الأسلحة المستخدمة ومميزاتها ومدياتها ، وشرح الخطط العسكرية التي ينفذها جيش الإحتلال على أرض فلسطين وغزة من تدمير للشعب والأرض والقضية الفلسطينية ، وصارت عندنا عبارة،، حلل يا دويري،، ترند وإنشودة واُغنية أو أنها عناوين لمحلات ومطاعم تعلقها على واجهاتها ، وكأن تحليلات الدويري قد استطاعت أن توقف العدوان الصهيوني على فلسطين أو أن تحرك الأنظمة العربية للتعبئة العسكرية أو أنها هددت بإستخدام سلاح النفط والغاز في تهديد الدول الداعمة للعدوان الصهيوني على كل الدول العربية .

لقد أستطاع الصهاينة ان يجعلون أميركا وبريطانيا وحلفائهم يعتدون على سوريا والعراق ولبنان واليمن ونحن لا زلنا ننبسط لما قد يحلله الدويري ، وننبسط ونفرح أيضا اذا ما سمعنا أن وقع هناك خلافات ما بين نتنياهوا ومجلس حربه ، أو مع بن غفير وسمودريش بحيث نعول على هذه الخلافات بأننا سوف ننتصر في هذه الحرب ، وكأنه اذا ما سقطت حكومة بن يامين و بن غفير سوف تاتي حكومة نيلسون مانديلا أو المهاتما غاندي لقيادة دولة الإحتلال .

الله يستر عليك يا دويري ويحفظك فلولا وجودك ولولا تحليلاتك لفقدت الشعوب العربية الكثير من الأمل بأي فرحة أو إنتصار مستقبلي يتغنون به. وما زالت الشعوب العربية وحكامها وإعلامها تستطيع أن تصف الحالة وتشخص المرض ولكنها غير قادرة على تقديم الدواء والعلاج الذي لا يمكن أن يكون إلا من خلال وجود حكام عرب يملكون النبض والحس القومي الدويري ، الحس الذي يحلل ويعطي الشعوب العربية والمقاومة الفلسطينية الأمل في جرعة دواء أو مضاد حيوي تقضي فيها على هذا الفيروس الصهيوني أو حتى تضعفه إن لم تستطيع ان تقضي عليه.

حماك الله يا فايز باشا الدويري لأنك استطعت أن تملأ الفراغ في غياب الأمل على صفحات الشجاعة والبطولة في التاريخ العربي والإسلامي من خلال تحليلاتك ، حيث أن متابعينك صاروا وهم يجلسون في بيوتهم مرتديين بيجاماتهم وسراويلهم ويفصصون البزر يتغنون بتحليلاتك لدرجة أنهم يدخلون إلى الحمامات ليفرغوا ما أكلوا وشربوا من طول ما تابعوك وهم يجلسون أمام الشاشات التي تظهر انت عليها.

وأخيرا اسأل نفسي ومن يعرف الإجابة :
هل ممكن ان يكون هناك حاكما عربيا حتى ولو كان صقرا دويريا ينقلنا من مراحل التشخيص و التحليل إلى مراحل التهديد و الوعيد .

حماك الله يا فلسطين ويا غزة وحمى الله مجاهدينكم الذين بارك الله فيهم وفي بيت المقدس وأكنافه.
وحلل يا دويري

شاهد أيضاً

الثورة الصناعية الرابعة وتحدياتها الاقتصادية

هرمنا – في الوقت الذي ساهمت فيه التطورات التكنولوجية الحديثة في توفير فرص كبيرة لتعزيز …