مذكرات مضر بدران .. وللأردنيين ذاكرة أيضا

هرمنا – زهير العزه
شخصيا لست من المعجبين أو من الذين يثقون بمذكرات المسؤولين، مهما ارتفع شأنهم وخاصة في عالمنا العربي، حيث لا يتم الكشف عن كل الحقائق اوالمعلومات التي تتعلق بمسؤولياتهم خلال فترة توليهم للمناصب او المواقع المتقدمة في هذه الدولة او تلك بصورة شفافه ويتم التلاعب بها بما يخدم الشخصية ذاتها اوهذه الدولة او تلك .
بدأت صحيفة الشرق الاوسط السعودية بنشرمذكرات رئيس الوزراء الاسبق مضر بدران ،حيث تم اختيار الازمة بين العراق والكويت التي تطورت فيما بعد الى احتلال الكويت من قبل العراق ومن ثم ضرب العراق من قبل التحالف الدولي الذي تشكل لاخراج العراق من الكويت كما قيل حينها ، مع العلم ان كل ما نشر اصبح معروفا وتحدث عنه سابقا وزير الخارجية الاسبق مروان القاسم ، كما كتب عن تلك الفترة العديد من الكتاب من الخليج ومصر والعراق وغيرهم من كتاب العالم ، ولذلك لم اجد فيما نشر ما هو جديد .
وللحقيقة والأمانة اقول انني لم احب السيد مضر بدران على الاطلاق ،مع انني تقربت منه في مطالع الثمانينيات من القرن الماضي بحكم عملي الاعلامي، واستمعت له في العديد من المناسبات بحضور اعداد محدودة من الشخصيات حيث استطعت ان اتعرف على بعض من ملامح شخصية الرجل وكيف يفكر في تعامله مع قضايا الوطن والمواطن ، لكنني ايضا لن اقوم هنا بتنصيب نفسي كقاض احاكم مرحلة قادها مضر بدران واضرت في غالبها بالاردن والاردنيين ، خاصة على صعيد التفرقة بين المواطنين والتي تكرست لتكون أساسا في الكثير أو الغالب من الاحيان .
وانطلاقا من ذلك انا اضع بعض القضايا الهامة التي كان السيد مضر بدران مسؤولا عنها بصفته رئيسا للحكومة وبصفته الشخصية ،ومنها مسؤوليته عن الخلاف الحاد الذي وقع بين الاردن وسوريا واستمر لسنوات حتى وصل الى اعمال من التفجيرات قامت بها المخابرات السورية وتنظيمات فلسطينية داخل الاردن وادى ذلك الى وقوع ضحايا ابرياء من الاردنيين نتيجة لهذه المغامرات التي باعتقادي كانت تخدم الصهاينة والامريكان ، ولعل رسالة جلالة المغفور له الملك الحسين الى الرئيس الاسد مطلع العام 1985والتي نقلها رئيس الوزراء انذاك زيد الرفاعي الى الاسد ، والتي اتهم فيها بدران وعبيدات انهما استغلا ثقة الملك بهما وقاما بدعم الاخوان المسلمين السوريين ،كما اتهم بدران بانه كان يقوم بتدريب فصيل الاخوان السوريين في مزرعة يملكها ،ثم يرسلهم لتنفيذ اعمال ارهابية ضد النظام السوري ،والذي نتج عنه عمليات متبادلة من الاتهامات الى ان وصل الامر بقيام سوريا بتحشيد جيشها على الحدود الاردنية السورية ، كما ان الفترة التي تولى بها السيد بدران مسؤولياته شهدت تغولا على مؤسسات الدولة وارهابا للمواطنين للدرجة التي دفعته الى التأمر على صحيفة الاخبار اليومية التي كان يملكها أنذاك السيدان فوأد النمري والاستاذ والاخ الكبير وزير الاعلام الاسبق ونقيب الصحفيين الاسبق راكان المجالي ، حيث تم اغلاق الصحيفة من خلال خدعة قام بها بدران ثم تنكر لوعوده للاستاذ راكان ما أدى الى اغلاق الصحيفة نهائيا واتمنى ان يقوم الاستاذ راكان بالحديث عن تلك الفترة ،ومن الاسئلة التي تحتاج الى اجابة هي قضية تدمير بنك البتراء ، وماهي حقيقة الاتفاق الذي تم بين بعض الاشخاص لتنفيذ ذلك بالتعاون مع احد البنوك الكبرى حيث تم الاتفاق في العاصمة المصرية القاهرة على تنفيذ الخطة والتي ايضا اطاحت بالدينار الاردني ، وتم تحميل الازمة وما نتج عنها للبنك المركزي ولنائب المحافظ انذاك الصديق المرحوم ماهر شكري الذي اتهم انه لم يتنبه او لم يعطي اهتماما لما يقوم به احمد الجلبي وبنك البتراء في محاولة للسيطرة على القطاع المصرفي الاردني حيث أصبح البتراء خلال سنوات معدودة البنك الثاني في الاردن بعد البنك العربي ،وقد تم تشكيل لجنة لتصفية بك البتراء والتي مازالت تعمل لغاية الان دون ان تعيد لاصحاب الحقوق من مساهمين وخاصة الصغار منهم حقوقهم ، الامر الذي جر كارثة على مشاريعهم الصغيرة انذاك ، ومن القطاعات التي دمرت في عهد السيد بدران كان قطاع النقل البري من خلال ما عرف بالحمولات المحورية حيث كان السيد بدران متشددا في التعاطي مع هذا القطاع ما ادى الى افلاس العديد من المستثمرين في هذا القطاع.
قلت سابقا انني لا انصب نفسي قاض يحاكم مرحلة اعتبرها سوداء في تاريخ الحكومات الاردنية ،لكنني اتسأل عن هذه المرحلة وما حملت من انتكاسات على صعيد بناء الدولة من خلال استغلال البعض ممن تولوا المواقع المتقدمة لاجهزة الدولة ولمواقعهم من اجل تحقيق مكاسب خاصة لهم على حساب مصلحة الوطن والمواطن ولعل رخصة مصنع الحديد الخاصة بنجل السيد بدران تثبت ان ليس كل ما يلمع ذهبا، وان المذكرات لا يمكنها ان تمحي ذاكرة ابناء الشعب الذين اكتوومن ظلم تلك المرحلة القاسية ،خاصة اذا كانت هذه المذكرات لا تذكر ما جرى على الصعيد الداخلي .
وللحديث بقية ………………….



