أخبار عاجلة

( حارب السلطان وصالح مرته ).. المحامي بشير المومني

لا أذكر في أي عام كان ذلك على وجه التحديد لكنه كان قبل انطلاق ما يسمى الربيع العربي وكنت منغمسا في كتابة مقال تحليلي بشأن بعض الإساءات التي تتعرض لها ملكتنا وقد سألتني والدتي الثمانينية أطال الله في عمرها آنذاك عن سبب انشغالي فأجبتها أنني أجري بحثا في موضوع متعلق بالملكة رانيا فقالت لي الوالدة بالحرف ( حارب السلطان وصالح مرته ) في خلاصة عميقة للحالة والطبيعة البشرية التي لطالما غفلنا عنها في تعاملنا مع الملك واسرته أما المقال الذي كتبته في ذلك الوقت والذي تحدث عن أسباب واهداف سياسية تقف خلف جملة التنمر التي تتعرض له الملكة وعلى رأسها محاولة النيل من الملك نفسه بشكل خاص والنظام بشكل عام فلقد منع من النشر لأن مسؤولا عبقريا قرر أن التحليل الوارد فيه بعيد عن المنطق اما فكرة المقال نفسها فلقد تحدث بها الملك لاحقا في معرض تعليقه على الاساءات التي تتعرض لها أسرته وأما المسؤول فأكاد أجزم أنه هو من قرر يوما منع كتاب لجلالة الملك من دخول الأردن !!!

اليوم هو تاريخ ولادة الملكة وقد اكملت الخمسين من عمرها وخلال بضع سنوات ستصبح جدة ولها احفاد ومما يؤسف له جدا جدا أنها تغيب عن المشهد الاعلامي الأردني ولم تعد تمارس نشاطها كالسابق ولا أدري هل كان ذلك بسبب نصائح المستشارين أم أنها بذاتها ونتيجة الإحباط قررت التراجع للخلف لكن المشهد بهذه الطريقة لا أفهمه إلا بوصفه استجابة للقيم الخطأ وهذه الاستجابة ستؤدي الى تعزيز القيم السلبية في مجتمعنا ونأمل أن تعود جلالتها الى سابق عهدها من النشاط والحيوية فالقضية لم تعد سياسية أبدا لأن ما كان يصدر من حملات اساءة ممنهجة وموجهة ومفبركة قد استعملت أنماط التفكير المجتمعي من تركيبات ذهنية قائمة على الشرقية وعقدة المؤامرة وصولا الى تغيير جوهري في مفردات الوعي الجمعي وأعتقد ان عودة الملكة لنشاطها الطبيعي يسهم ويسعف كثيرا في التصدي للحالة السلبية الآخذة بالتبلور قبل ان تصل لمستوى الاستقرار كأعراف اجتماعية دخيلة على المجتمع ..

القضية لم تعد ابدا وجود دوافع سياسية للإساءة للنظام ولم تعد أبدا جملة من منظومة وسلسلة الإشاعات فالموضوع بات أخطر بكثير من ذلك لأننا بتنا اليوم نتصدى لتشكيل ذهني وهندسة إعتقاد تعمل على تغيير منظومة الوعي ومفرداته وأعتقد أنه يتوجب على الملكة أن تتصدى بشجاعة لهذا الأمر وأن لا يتسرب لها الإحباط وعلينا أن نساهم جميعا في إعادة تعريف مفردات الاحترام الذاتي والجمعي للمشهد الأردني وقيمه النبيلة ومنع ممارسة الفصام المجتمعي بادعاء الفضيلة وتقديس فكرة الأم وصون الاخت ودعم الزوجة ومن ثم نجرح ذلك بالطعن في نماذجنا الفريدة التي تقدم للعالم النموذج الشرقي العربي المتحضر للمرأة ..

انظروا معي هنا الى عمليات هندسة الاعتقاد والعبث بالوعي الجمعي للأردنيين والى اي مدى وصلنا من اعادة صياغة سلوك المجتمع وانعكاسات ذلك الدالة على مواقع التواصل والتفاعل الاجتماعي فكل شرائع السماء بنبلها والأرض بحكمتها تؤكد على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته أما اليوم فلقد أصبح المجتمع الأردني صاحب عقلية اتهامية ابتداءا والمسؤول لديه متهم بالفساد لا بل فاسد حتى يثبت العكس !!! انظروا مثلا الى نمطيات التعميم الخاطيء وكيف انتشرت في مجتمعنا وكيف ادت لنمطيات السلوك النقلي لا العقلي وترويج الاشاعات او الاخبار بلا تدقيق او فحص وانظروا لانتشار عقلية ونظرية المؤامرة وربطها بنشاط السلطة والمشاريع الغامضة وانه دائما هنالك شيء ما وراء الاكمة وانظروا .. وانظروا ..

كمواطن أردني لا يعجبني ابدا غياب ملكة الاردن عن المشهد مهما كانت الدوافع ومهما كانت النصائح ومهما كان السبب لأن حسابات الربح والخسارة في عمليات ربط العام بالخاص والتفكير التصويري تعطي دائما نفس النتيجة ( تعزيز انماط التفكير والسلوك السلبي المجتمعي ) حتى بشأن تحطيم القيمة المعنوية والأدبية والوجدانية للمرأة والسماح بانتهاك هذه القيمة عندما نسمح كمجتمع بالاساءة الى امرأة وأم وزوجة وشقيقة ليصبح ذلك نمطا مقبولا ومستساغا في الاساءة للمرأة وانتهاكها لفظيا وصولا الى انتهاكها ماديا والتعامل معها بمفهوم المادة لا القيمة .. نعم لا يعجبني أبدا غياب الملكة عن المشهد بغض النظر عن الحسابات السياسية التي نستطيع ان نتحدث بها لساعات بسلبياتها وايجابياتها ويقلقني اكثر ماهية الاثر النفسي والتصوري لدى الملك واسرته وولي عهده الذي استوجب ابعاد ملكة الاردن عن المشهد الطبيعي .. بجميع الاحوال اجد رغم نكد المقال انه من الذوق الخاص والعام أن اقول كل عام وانتي بخير أيتها السيدة الأردنية ..

شاهد أيضاً

بنك الإسكان الراعي الفضي لمؤتمر سنابل الإقليمي السادس عشر للتمويل الأصغر

هرمنا الاخباري-قدم بنك الإسكان رعايته الفضية لمؤتمر سنابل الإقليمي السادس عشر للتمويل الأصغر، الذي أقيم …