

هرمنا الاخباري – عمان – بقلم : المحامي بشير المومني
قبل سنوات .. كنت أعيش ذلك المزاج السيء البائس وأشعر بقلق عميق لما يدور من حولي .. كنت اتابع باهتمام بالغ ما تبثه اخبارياتنا .. ما يقوله المسؤولون السابقون .. وبقلق بالغ اتابع رهط البث على مواقع التواصل الاجتماعي من الخارج .. خلق ذلك نفسية حادة قلقة متوترة انعكست على سلوكي الذاتي حتى بالتعامل مع اسرتي .. كنت أرى بعيون غيري مقدار ما يبثونه من بؤس ويأس ومشاهد القلق الوطني .. حتى انني كنت اسمع بأُذُن غيري !!
في أحد الأيام طرحت منشورا على صفحتي للتواصل الاجتماعي ( فيسبوك ) متأثرا بالحالة النفسية السيئة التي خلقتها منظومة الضخ الدعائي العدائي للانسان الأردني .. كان السؤال ( هل يُحبنا الاردن !!؟؟ ) .. جميع من اجابني من الأردنيين كانت اجابتهم تقريبا واحدة (( هذا البلد يكرهنا )) لكن كان هنالك تعليق صادم .. صادم جدا حد الأذى .. هذا التعليق هز كياني .. اعاد برمجة نفسيتي باتجاهات التأمل .. كتبه احد الاصدقاء من اخوتنا العرب العراقيين الذين شردتهم الحياة لاوروبا .. كان تعليقه (( هل يحب الاردنيون بلدهم !!؟؟ )) ..
صديقي العراقي بعثر وجداني بسؤاله .. توقفت مليا امام ما طرحه بكل عمق في كليمات لا اكثر استدعت اعادة تقييم الذات قبل كل شيء .. لاجد نفسي في نهاية المطاف رغم كل ما ازعمه من نضوج ووعي بأنني سمحت وقبلت بأن يعبث بحياتي عابر سبيل .. جيرت عقلي لغيري و بت ارى بعيون السخط واسمع بأذني النميمة واثرثر بلسان تلك النفسية المشوهة التي جعلت منا اشخاصا نكره الاردن رغم كل ما نزعمه من وطنية .. حتى وطنيتنا جرى توجيهها باتجهات الحقد والنقد والسوء .. دون تفكير بواقعنا بشكل منتج ..
تسخيف فكرة واهمية وفلسفة الأمن والأمان وضرورته كالخبز تماما .. تحقير الدولة ومؤسساتها وفعاليتها وقياداتها .. خلق ثقافة السخط والتذمر .. السخرية من أي خطاب تعبوي ايجابي يبشر بخير .. نشر اخبار الجريمة وتضخيمها لدرجة وصلت انه عندما تمر أيام لا توجد فيها اخبار بهذا الملف يتم استحضار اخبار الجريمة من بلدان اخرى .. الامتناع عمدا عن نشر الاخبار الايجابية حتى الاخبار الاجتماعية لانجاز شاب في ريف او بادية .. الخ .. صناعة البؤس لترى وتسمع بعين واذن غيرك وتسمح لغيرك ان يفكر عنك فيقودك .. هدف
يحضرني مشهد كوميدي عبقري حد العجب لفيلم – لا يحضرني اسمه – للفنان عادل إمام في ( فرح ) فيقول لرجل مأزوم نفسياً يجلس بجانبه ( مساء الفل ) فيحتج الرجل على هذه التحية ويشتاط غضبا فيقول له الزعيم ( طيب ما تزعلش .. مساء الزفت !! ) .. هذا المشهد يستحضر نفسه بقوة في ذهني عندما اشاهد البعض يعلق على تصريحات وخطابات رئيس وزرائنا في المحافظات والتي يبشرنا فيها بغدٍ اجمل وخير قادم ويستحضر كرامة وشهامة وعزة نفس الاردنيين .. على اي حال لا زلنا بخير .. بلدنا بخير .. مساء الفل ..