أخبار عاجلة

لماذا لم يقف الطالب الكركي مع المسلمين ولا المسيحيين ؟

هرمنا الاخباري – -عمان – محمود كريشان 

ما بين مآذن المساجد وأجراس الكنائس، يتعايش الأردنيون من أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية، في مزيجٍ ديني متشابك، تحت هذا البلد.. المملكة الأردنية الهاشمية، الذي بات الكثيرون يحسدوننا عليه، في ظل نيرانٍ التطرف والإقتتال التي تشتعل في المنطقة برمتها، وتنهش نسيجها تحت مسميات ويلات الربيع العربي المزعوم والمأزوم.
ودوما نتوقف بإعتزاز عند إحدى القصص الناهضة من أرض الواقع الأردني الطيبة، يجسدها الشعب الواحد، وهو ما رواه الأديب الكبير والشيخ الجليل المرحوم روكس بن زائد العزيزي حيث كان قال: أنه وعندما ذهب إلى الكرك مطلع شبابه للتدريس في واحدة من مدارسها، وعندما دخل أحد الفصول المدرسية قال للطلبة: الطالب المسلم يقف، فوقف بعض الطلاب، وطلب منهم الجلوس.. وأعاد السؤال: الطالب المسيحي يقف، فوقف بعض الطلبة، ولاحظ طيب الذكر والذكرى المرحوم العزيزي، أن أحد الطلاب لم يقف مع “المسيحيين” ولا مع “المسلمين” فسأله: أنت «مسلم» وإلا «مسيحي»، وفوجئ الأستاذ روكس «رحمه الله» بالطالب وهو يرد واثقا وبإعتزاز قائلاً: يا معلمي أنا كركي!

وتتواصل الحقائق التي نعيشها في هذا الوطن الذي تستنشق أسرته الواحدة، «هواء هاشميا».. ما أنقاه وما أغلاه.. أن الأهالي المسلمين في القرى التي يتواجد فيها المسيحيون يرسلون أبناءهم قبل أن يذهبوا إلى الصف الأول في المدارس الحكومية، كانوا يرسلون أطفالهم إلى مدرسة اللاتين لمدة عامين للدراسة فيها، فلا الطلبة المسلمون يتركون صفوفهم، عندما تكون الحصة عن الدين المسيحي، كما لم يكن الطلاب المسيحيون يغادرون الحصة، عندما تكون عن الدين الإسلامي الذي يدرس في مدارس اللاتين والمدارس الحكومية.
وقس على ذلك كيف تكون مشاعر أخوية متبادلة تحمل أرقى معاني التسامح والحب عندما يحل شهر رمضان المبارك فتقوم العائلات المسيحية بإحترام مشاعر جيرانهم من المسلمين بعدم تناول الطعام بالجهر وتبادل أطباق الأطعمة فيما بينهم، عندما يحل وقت الغروب وموعد إفطار الصائمين، وكذلك الحال في الأعياد حيث يواظب الجميع على تبادل التهاني والتزاور في أجواء أخوية عز نظيرها في هذا العالم الواسع.
ولا شك إن الصورة المشرقة التي عكسها الأردن طوال تاريخه الممتد منذ فجر التأسيس وحتى يومنا هذا، تؤكد في جملة ما أكدت عليه حقيقة النهج المعتدل الذي كرسه “الهاشميون” في المشهد الوطني عندما وهم يجعلون من الأردن النموذج الذي يُحتذى في الإخاء والمحبة والتعاون والتكافل وضرب الأردنيون أروع الأمثلة في التسامح الديني والإلتحام الوطني، في إطار سياسة هاشمية حكيمة، ترى في الأساس حرية العبادة وحق المواطن في ممارسة شعائره الدينية، بدون وصاية أو عسف أو منع أو تزمت، وبعيدا عن أي غلّو او تشدد أو تطرف أرعن.
وبالطبع فإن مناخات التسامح والإخاء والعيش الآمن، والتعايش المشترك الذي يجمع الأردنيين، إنما هو نتاج “حكمة هاشمية” وبُعد نظر القيادة الفذة، وقراءتها العميقة للتاريخ والجغرافيا، وحرص الأردنيين على تكريس نموذج المحبة والتسامح، وهم يحترمون الإنسان ومعتقداته، وقد أخذوا على أنفسهم عهودا لا تتبدل ولا تتغير، بأن ينبذوا العنف والتعصب، وأن يكونوا دعاة خير ومحبة، وعدم الإساءة للأديان والمعتقدات أو الحّط من شأنها، فهم على قناعة مطلقة بأن الدين لله وحده، أما الوطن فهو للجميع، خاصة وإن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، يسعى عبر رسالة الوسطية والإعتدال والتسامح التي ينتهجها، إلى ترسيخ القواسم المشتركة التي تجمع أبناء الديانتين الإسلامية والمسيحية، في إطار التعايش والسلام بين شعوب العالم بآمان وسلام.

شاهد أيضاً

الابعاد الاقتصادية للأمن السيبراني

هرمنا الاخباري-الثورة التكنولوجية التي يشهدها عالم اليوم والانتشار غير المسبوق لاستخدام الانترنت والتحولات الرقمية التي …