البيانات المتاحة وتحسين اعداد وتنفيذ الموازنة العامة

هرمنا – د. محمد ابو حمور
خلال بضعة أسابيع لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة يحل الموعد الدستوري لتقديم موازنة العام القادم 2026 الى مجلس الأمة بهدف مناقشتها واقرارها وفق الاجراءات التشريعية المعتمدة.
ومن المهم هنا الاشارة الى أن البيانات المتوفرة خلال مرحلة اعداد الموازنة العامة تؤدي دوراً محورياً في بناء تقديرات دقيقة للايرادات والنفقات وتحديد الأولويات وتوجيه الموارد بشكل فعال مما يعني المساعدة على اتخاذ قرارات مالية رشيدة تعمل على تلبية احتياجات المجتمع وتحسين الخدمات ورفع مستوى كفاءتها والحفاظ على استدامتها وتأمين المتطلبات اللازمة لتحقيق الاستقرار المالي الذي يشكل مقدمة لنمو اقتصادي يحسن مستوى حياة المواطن ويساهم في مكافحة البطالة عبر توليد مزيد من فرص العمل.
وفي المقابل فان عدم توفر البيانات الملائمة سيؤدي حتماً الى تقديرات غير دقيقة تنعكس مستقبلاً على زيادة العجز والحاجة الى ديون اضافية ناهيك عن عدم القدرة على التنبؤ بالمخاطر المالية وسبل تجنبها.
وضمن الجهود المبذولة لمواكبة التطورات التكنولوجية قامت وزارة المالية باعتماد نظام ادارة المعلومات المالية الحكومية والذي يوفر الآليات التي تساهم في تحسين اعداد وتنفيذ الموازنة العامة بما في ذلك تحسين التقديرات ورفع كفاءة الاداء وتعزيز الشفافية والمساءلة.
حيث يتم من خلال هذا النظام حصر وتوحيد البيانات المالية الحكومية في قاعدة بيانات مركزية مما يوفر متابعة دقيقة للإيرادات والنفقات، وضبط حدود الصرف بشكل آلي، وكذلك إمكانية الوصول الفوري للمعلومات والتقارير لدعم اتخاذ القرار، وتوفير بيانات دقيقة وموثوقة للتقييم والرقابة على الأداء الحكومي، كما يتيح الربط مع الانظمة الاخرى مثل ادارة النقد والنظام المحاسبي مما يعني تكامل وشمولية منظومة الادارة المالية.
ومن المتوقع أن اعتماد الانظمة التكنولوجية الحديثة والاستفادة من ميزاتها المتعددة يؤدي بالنتيجة الى تحسين تقدير المخصصات وعدم تجاوزها والحد من هدر المال العام.
نستطيع القول أن الأردن يسير قدما في تحسين اجراءات اعداد وتنفيذ ومراقبة الموازنة العامة عبر توفير نظام موثوق لجمع وتحليل البيانات المالية واستخدام أساليب تقدير دقيقة مبنية على المعطيات الموضوعية ومن ثم تحليل أوجه الانفاق ومدى تحقيقها للأهداف المتوخاة، مع الاخذ في الاعتبار التطورات المستقبلية المتوقعة وما يترتب عليها من مخاطر مالية.
ولغايات تعزيز هذا التوجه من المهم مواصلة السير قدماً لاعتماد موازنة البرامج والأداء والموازنة الموجهة بالنتائج وربط المخرجات بالأهداف المحددة.
وكذلك تحديث وتطوير البنية التحتية التكنولوجية والرقمية للوزارات والمؤسسات الحكومية وتوفير كوادر بشرية مؤهلة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة مما توفره الانظمة الحاسوبية من مزايا وفرص.
وهذا كله ولا شك يشكل أحد أركان التحديث الاداري الذي يوفر قاعدة صلبة لتحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي.