أخبار عاجلة

الاردن: خمس سنين كافية لبناء دولة ديموقراطية من الصفر!

هرمنا – د. بسام روبين

لم يصدمني ما جاء على لسان أحد مسؤولي لجنة الإصلاح بأنه يحتاج إلى عشرين عاماً للإنتقال إلى حكومة برلمانية ،وقد كان صادقاً في تقديراته المعتمده على خبراته ،فزمن أي إنجاز وكيفيته يعتمدان بشكل مباشر على إمكانيات ومهارات وخبرات من يقود  المهمة ،فقد نجد متعهد ينجز بناء معين خلال ستة شهور ،بينما متعهد آخر يحتاج لقضاء عامين على نفس البناء ،وربما ثالث يحتاج إلى خمس أعوام وبمونتاج أقل جودة ،وكل ذلك يعتمد على مواصفات  الشخص المنفذ.

ويبدو أن بعض رؤساء الوزارات السابقين الذين فشلوا في إدارة شؤون الدولة اقتصادياً وإدارياً وأوصلوا المديونية والبطالة إلى هذا المستوى الرديء ،ولأنهم لم يحاسبوا على تقصيرهم نجدهم  متمسكين بتلك العقلية الأرستقراطية التي لا تشعر باوجاع الاخرين ،ولا تعير الوقت أي إهتمام لأن (اللي بوكل العصي مش زي اللي بعدها ).

وقد أعادني تصريح ذلك المسؤول إلى الوراء لأتذكر قصة يمكن إسقاطها على تصريحات المسؤول المستهجنة بهذا الخصوص ،والتي تطلب من الاردنيين تحمل المعاناة لعشرين سنة قادمة ،وهذا الإجراء أقرب للإنتحار ،حيث اتصل بي في أحد المرات وأثناء شرف الخدمة العسكرية مدير إدارة مكافحة المخدرات ،وأبلغني رغبته بتصميم نظام خاص يساعده في الإدارة حيث كلفت أحد كبار الضباط المختصين للكشف على الموقع ،وتحديد المتطلبات والكلف والوقت اللازم للتنفيذ حيث رفع تقريره بهذه المعلومات ،وقد لفت انتباهي آنذاك أنه يحتاج لمدة ٤٥ يوماً لإنجاز الواجب  المطلوب فاستطولت المدة ،وطلبت صاحب التقرير لمواجهتي ،وناقشته لتقليل المدة الزمنية إلا أنه دافع عن رأيه ،وحاول إقناعي بوجوب تلك المدة ،فشكرته على مضد وغادر ،ثم اتصلت برئيس شعبته ،وطلبت منه أن يرسل لي أحدث ضابط صف جامعي في الشعبة ،وجاءني بشاب في مقتبل العمر بريء ليس له أي أجندات ،ولم يتتلمذ بعد على فنون التعقيدات والمصالح والبيروقراطيات المقيتة حيث كلفته بأن يذهب لإدارة المخدرات ،وإذا انجز المهمة في أسبوع فسأمنحه إجازة لمدة أسبوعين ،وبعد أن ذهب قال لي أنه يحتاج فقط لثلاثة أيام من العمل لإنجاز الواجب ،وفعلا أنجزها ونال إعجاب مدير ومرتب المكافحة وكافأته كما وعدته ،وبما يليق بذلك الإنجاز ،وبعد عودته طلبت من رئيس الشعبه المعني أن يجمع لي مرتب الشعبه من الضباط وضباط الصف والأفراد بما فيهم ذلك الضابط وضابط الصف ،وأطلعتهم على ما حصل ،وبأن أحد الزملاء أحتاج لمدة ٤٥ يوم لإنجاز ما أنجزه ضابط صف حديث التجنيد بثلاثة أيام.

لذلك لا ينبغي أن نثق بما صدر عن لجنة الإصلاح فهذه المدة غير مبررة ،وتعبر عن مدى قدرة المقترح في تنفيذ واجباته ،فهنالك آخرون قادرون على الانتقال بنا إلى حكومات برلمانية خلال عامين من العمل الجاد والمخلص والنزيه ،فبناء دولة ديمقراطية من الصفر لا يحتاج لأكثر من خمسة اعوام إذا ابتعدنا عن نهج التلزيم القديم وفرزنا أشخاصاً بالمفاضلة النزيهة من سواعد وعقول أمينة ومخلصة بعيدة عن المصالح والبيروقراطية والأرستقراطية ،فبيوت الخبرة الأردنية من رفاق السلاح وغيرهم ممتلئة بالمتطوعين.

فلا يمكن لشخص متضرر من الإصلاح أن يؤمن بالإصلاح وينجزه  في وقت قصير ،بل سيمطمطه لأقصى زمن ممكن ،أما من يحتاج إلى الإصلاح ويرى به حلا لمشاكل وطنه ،فإن إنجازاته ستكون متقنة وسريعة ودقيقة ،فلا يوجد في أي دولة تحترم مواطنيها وتعمل لإسعادهم خططاً إصلاحية تمتد لمدة عشرون عاماً.

متمنياً أن يتم نقل هذا الملف الهام من هذه اللجنة العشرينية إلى من هم قادرون على انجاز المهمة خلال عامين مقابل إجازة شبيهة بتلك التي منحت لضابط الصف المخلص في عمله لأنه كان خالياً من المؤثرات والأجندات.

حمى الله الأردن.

العميد المتقاعد الدكتور بسام روبين

شاهد أيضاً

ولي العهد يحضر افتتاح اللقاء التفاعلي للبرنامج التنفيذي لتحديث القطاع العام بين عامين

هرمنا الاخباري-سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، اليوم السبت، الجلسة الافتتاحية للقاء التفاعلي …