أخبار عاجلة

بلال العبويني يكتب.. “السوشال ميديا” وتسخيف المحتوى

هرمنا الاخباري – عمان – بلال العبويني

قبل مدة ليست بعيدة، شاركت في جلسات عصف عن الإعلام كـ “صحفي محترف”، كما تم تقديمي آنذاك، اجتهد الحاضرون في التشخيص وعرض التحديات ووضع تصورات تجيب على سؤال كيف نطوع التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل لصالح الإعلام المحترف.

بعد انتهاء تلك الجلسات بأيام سألت أحدهم عما ناقشناه وما الذي نفكر فيه، فقال لي: فيديو يتحدث عن كيف “تلقط البنت حواجبها”، يتم تصويره وبثه في مدة لا تتعدى عشر دقائق، يصل إلى أضعاف أضعاف ما “تغلبون” فيه أنفسكم ساعات من أجل كتابة مقال أو تقرير أو تصوير برنامج.

ربما تكون خورزميات مواقع التواصل الاجتماعي لها علاقة بذلك، لكن الأكيد أن الذائقة تم “عطبها” وما قيل عن قصة “تلقيط الحواجب” واقع لكنه خطير، والأخطر هو التسليم به والركون إلى أن عصر الإعلام المحترف انتهى، وانتهت معه مناقشة القضايا الكُبرى بعمق.

لأن الركون إلى ذلك، يعني أن المستقبل سيحمل مخاطر كبيرة على الأجيال عندما لا يكون في المجتمع سوى عدد محدود من الأشخاص يفكرون ويخططون ويقررون من دون أن يكون هناك من يقول لهم توقفوا ويناقش معهم بعمق ما يخططون له.

الثورة التكنولوجية، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، نقلت الإعلام على وجه التحديد نقلات نوعية، لكنها وإن كانت كذلك إلا أن بعض مستخدميها في الوقت ذاته أساءوا للإعلام وعطبوا ذائقة المتلقي بما يعرضون من محتوى.

والخطورة، تكمن في الحكومات والمسؤولين، الذين أعطوا من يوصفون بمؤثري “السوشال ميديا”، عن “جنب وطرف”، أكبر من حجمهم واندفعوا في كثير من الأحيان خلفهم.

ألم تعمل إحدى المؤسسات، قبل سنوات، على تقديم “مشاهير سوشال ميديا” على أنهم من “مطوري المحتوى العربي على الانترنت”؟.

آنذاك، أثارت انتباهي الصفة التي تم منحهم إياها، بالمقارنة مع ما يقدمون، فجلست مع بعضهم، فأثبتوا منذ الدقائق الأولى على أنهم لا يحملون شيئا له علاقة بالفكر أو حتى بالمحتوى وكيفية تطويره.

فكيف تلجأ المؤسسات إلى مثل هؤلاء وتقدمهم بهذا الوصف، في وقت كان من الواجب وصفهم بـ “مسخفي” المحتوى العربي؟.

غالبية من يسمون بـ “المؤثرين” لا يُرتجى منهم شيئا إبان الأزمات، وقد عايشنا ذلك خلال السنوات الأخيرة، بل إن اللجوء إليهم لترويج فكرة أو قضية تخص الدولة وتهم المجتمع يسيئون إليها بما يتناولونه من قشورها وما يتبعونه من أساليب.  

إعادة الاعتبار للإعلام المحترف والصحفي المهني، يبدأ من مؤسسات الدولة والمسؤولين الذين عليهم التمييز أولا بين حساب على مواقع التواصل الاجتماعي ومؤسسة إعلامية، والتمييز بين صحفي وناشط، لأن الحاصل أن هناك خلطا لا أعلم إن كان مقصودا، بين الصحفي والناشط.

الإعلام عليه دور، نعم، لكن الأكيد أن عليه الاستمرار في مسيرته المهنية وطرح القضايا الهادفة وبعمق وبأساليب مطوره، وعدم الانجرار وراء “اللايك والشير” ووراء ما يقدمه مستخدموا السوشال ميديا، وإن كان جائزا الاستفادة من بعض ما يُقدم ومعالجته وفقا لما تتطلبه المهنة

شاهد أيضاً

الابعاد الاقتصادية للأمن السيبراني

هرمنا الاخباري-الثورة التكنولوجية التي يشهدها عالم اليوم والانتشار غير المسبوق لاستخدام الانترنت والتحولات الرقمية التي …