أخبار عاجلة

أهم الأسباب لعودة العرب إلى سوريا

هرمنا الاخباري – عمان – المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

أحدثت زيارة وفد الإتحاد البرلماني العربي إلى سوريا تحولاً جديداً في العلاقات العربية السورية ألتي يبدو أنها ستعود قريباً إلى سابق عهدها وتستعيد معها دمشق مقعدها في جامعة الدول العربية .
فإذا كانت هذه الزيارة تمثل كما قال الرئيس بشار الأسد نبض الجماهير العربية وأصالتها وتعكس حالة إجماعاً شعبياً وعربياً إلى الجانب السياسي فيها ، وما عاد خافياً على أحد وهو يمهد حتماً لدور عربياً أكبر في إعادة إعمار سوريا والشروع في الخطوات الأخيرة لإنهاء حرباً ضروس كانت الأعنف والأشرس في هذا القرن لضراوتها الميدانية ومشاركة معظم دول العالم فيها مباشرة أو عبر وسطاء ووكلاء أو عبر المرتزقة أو حتى الإرهابيين .
زيارة الوفد البرلماني العربي إلى سوريا العروبة تأتي أولا إستكمالاً لمسلسل العودة العربية إلى سوريا والتي كانت الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين فيه عنواناً بارزاً في الواقع ، ذلك أن إعادة فتح سفاراتي البلدين كانت تعني وعلى نحو لا يقبل التأويل أن أكبر الدول العربية في الخليج وأقصد هنا المملكة العربية السعودية قابلة ضمنياً في ذلك ، فهل يمكن لمملكة البحرين أن تفتح أو تعيد فتح سفاراتها في دمشق دون رضاً ضمنياً من قبل المملكة العربية السعودية .
الخطوة تأتي أيضاً وثانياً في سياق معلومات كثيرة تفيد بأقتراب تطهير العلاقات السعودية – السورية بعد أن كانت هذه العلاقات تحصل سراً أو عبر قنوات أمنية ضيقة جداً كما كان الشأن مؤخراً على سبيل المثال لا الحصر مع زيارة مدير الإدارة العامة في المخابرات العامة السورية اللواء ( حسام لوقا ) وعودته بطائرة خاصة بعد لقاءات هامة له في الرياض .
خطوة الوفد البرلماني العربي تأتي ثالثاً في أعقاب زيارة الرئيس بشار الأسد إلى سلطنة عمان قبل عدة أيام وذلك بعد أشهر قليلة على زيارته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة والتي أحدثت آنذاك جضة كبيرة وحدثاً كبيراً .
غالباً ما تلعب سلطنة عمان كما نعلم كمراقبين أدوار وساطة ناجحة تبقى بعيدة عن الأضواء وكاميرات المراقبه وسوف نشهد حتماً نتائجها في فترة قريبة جداً .
الخطوة البرلمانية العربية تأتي رابعاً بعد ما جاءت حلحلة بعض الأبواب من واشنطن هذه المرة وألتي أعلنت السماح لجهود ومواد الإغاثة الإنسانية للوصول إلى سوريا كإستثناء محدود لقانون قيصر اللأنساني والجائر والظالم وذلك لمدة ( 180 ) يوماً تنتهي في 8 من أب/ أغسطس المقبل .
وخطوة الوفد البرلماني العربي تأتي خامساً بعد أن كادت العلاقات السورية – التركية تعود لمجاريها بواسطة روسية بالرغم مما يقال حالياً عن ضغوط أمريكية وإغراءات للتخفيف من الأندفاعات التركية وأنتظار ما ستؤول اليه الحرب في أوكرانيا .
ومعروف أيضاً أن سوريا وقفت إلى جانب حليفتها روسيا في هذه الحرب ، بينما تركيا تحاول أن تلعب على الحبلين مستفيدة من هذا الصراع ، ولذلك هناك إغراءات أميركية كثيرة لتركيا في الوقت الراهن وإغراءات أوروبية مقابل أن تعلق قليلاً إنفتاحها على سوريا وأن تقف موقفاً مغايراً بالنسبة للحرب الأوكرانية .
تأتي الخطوة البرلمانية العربية سادساً في خضم الكلام عن جولة مفاوضات سادسة قد تعقد بين السعودية وإيران على الأراضي العراقية ، ثمة من يعتقد أن حلحلة الملف الإيراني – السعودي ربما يفيد على نحو مباشر ولو بعد حين الملف السوري .
وفي تصريح لرئيس الإتحاد البرلماني العربي ورئيس مجلس النواب العراقي السيد محمد الحلبوسي وهو أحد أبرز القادة السنة في العراق ويعتبر قريباً جداً من دول مجلس التعاون الخليجي وليس من إيران بطبيعة الحال حيث قال من دمشق أن الإتحاد البرلماني العربي لن يدخر جهداً من أجل عودة الدور المؤثر والفاعل لسوريا على الساحة العربية ، وأشار إلى أن العراق سيواصل تقديم كل المساعدات الإنسانية الممكنة للحكومة السورية في إغاثة المتضررين من الزلزال المدمر .
العاطفة نفسها عبر عنها رئيس المجلس الوطني الإتحادي في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة معالي صقر غباش الذي أكد مع أعضاء وفد بلاده أن الزيارة إلى سوريا هي لنقل الشعب الإماراتي إلى سوريا ، وللتعبير لما يشعر به حيال ما يعانيه الشعب السوري من جراء الزلزال المدمر الذي تعرضت له سوريا والحرب والحصار المفروضين على هذا الشعب ، وللتأكيد على الوقوف إلى جانب السوريين والأستمرار بتقديم كل ما يحتاجونه من مساعدات إنسانية .
ومع وصول وزير الخارجية المصري السيد سامح شكري هذا الإثنين أيضاً إلى سوريا لنقل تضامن بلاده معها بعد زيارة وزير الخارجية الأردني السيد أيمن الصفدي الأربعاء الماضي وهي الزيارة الأولى منذ ( 12 ) عاماً حاملاً رسالة من جلالة الملك عبدالله الثاني لأخيه الرئيس بشار الأسد تتضمن تضامن الأردن قيادة وحكومة وشعباً مع الشعب السوري جراء الزلزال المدمر الذي تعرضت له .
يبدو أن الزلزال المدمر وما أثاره من تعاطف عربي شعبي وسياسي قد أحرج الجميع فتقاطرو إلى دمشق ، والأكيد إنه بعد سقوط فكرة إسقاط الرئيس بشار الأسد منذ سنوات ، وبعد أن ربح المحور الذي تنتمي إليه سوريا وأقصد هنا المعركة العسكرية إلا في القسم الباقي من إدلب أو في المناطق ألتي تسيطر عليها القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية ، ثمة قناعة عربية تكمن ومفادها أن العودة العربية إلى سوريا والمساهمة في إعادة الإعمار هما السبيلان الوحيدان للتخفيف من التأثير الإيراني .
أما الإحتلال الأمريكي فهو مرهون في الواقع بطبيعة الصراع مع روسيا والذي أحتدم بعد أوكرانيا ، ولذلك فهناك إحتمالان واردان ، إما التشدد أكثر في دعم الكرد وتحدي روسيا وسوريا وإيران وهذا لن يفيد كثيراً ، أو البحث عن تسويات عبر تركيا والعرب العائدين إلى دمشق .
لكل هذه الأسباب تبدو العودة العربية إلى سوريا أكثر من مجرد تضامن بعد الزلزال المدمر وأقل من عودة دبلوماسية كاملة للعلاقات ، فثمة خطوات لا بد منها قبل ذلك ، ولا شك أن العمل جاراً وحثيثاً للقيام بها وإقناع الرئيس بشار الأسد ببعضها ، لكن الأكيد أن ما كان يمكن للرئيس السوري أن يقبله بالنسبة للمعارضة والدستور قبل حسم الجزء الأكبر من الحرب وعودة العرب إلى سوريا صارت صعباً القبول الآن بالرغم من حاجة سوريا الملحة إلى المال العربي في سياق إعادة الإعمار .
المهم أن العودة العربية إلى سوريا صارت أكثر من ملحة ، لأن الشعب السوري بما فيه الموالين للنظام والدولة ضاقوا ذرعاً بالفقر والبطالة وإنهيار العملة وغلاء المعيشة وإنتشار الجريمة وأنسداد الأفق ، وهذا ربما هو الأهم حالياً ، أما مسألة الإصلاح وأشراك المعارضة ومسألة تعديل الدستور ومسألة إيران ، فهذه أمور ستحتاج إلى نقاشات طويلة بين العرب وسوريا ، يبقى أن ننتظر كيف ستكون ردة فعل واشنطن والدول الغربية حيال هذا الإنفتاح العربي الكبير .
هل تستطيع بعد أن تؤثر على التريث في الإنفتاح العربي على سوريا ؟ وهل تستطيع أن تؤثر على الوضع الأمني الداخلي في سوريا ؟ وماذا سيكون موقف ( إسرائيل ) ألتي شنت عدواناً بربرياً قبل أيام على دمشق ذهب ضحيتها مدنيين أبرياء ، كل هذه الأمور يجب أن نراقبها في الأيام القليلة المقبلة ، لكن الأكيد وأنا أتحدث كمراقب أن عودة العرب إلى سوريا وعودة سوريا إلى الدول العربية أمراً مهماً جداً للشعب السوري ولدول الجوار وخاصة الأردن

شاهد أيضاً

الابعاد الاقتصادية للأمن السيبراني

هرمنا الاخباري-الثورة التكنولوجية التي يشهدها عالم اليوم والانتشار غير المسبوق لاستخدام الانترنت والتحولات الرقمية التي …