لماذا تتخوف ألمانيا من كشف هوية المتورطين في تفجير خطي نورد ستريم؟

د. بسام روبين

تقوم السياسة العالمية في مجملها على الافتراء والتضليل بحثا عن مصالح الدولة فقد نجد دولة تفتعل تفجيرا حيويا داخل حدودها لتوجيه الرأي العام  بالإتجاه الذي ترغب به الحكومة بالرغم من تسببه في قتل ابرياء ،وقد نجد أكثر من دولة تتفق على تنفيذ عملية إرهابية داخل حدود إحداها بقصد تمرير مواقف سياسية ما كان لها أن تقنع شعو بها لولا تضليل الشعوب بذلك النوع من العمليات الإرهابية  خارج إطار السياسة الأخلاقية.

وقد يندرج تفجير خطوط نقل الغاز من روسيا إلى أوروبا ضمن السياق السابق ،فالوقائع تثبت عدم وجود أي مصلحة لروسيا في تفجير هذين الخطين لأن نتائج التفجير إنعكست سلبا على روسيا حيث عجل الإنفجار في تعزيز وتنمية التحالف الأوروبي الداعم لأوكرانيا، وقد إعتدنا في العمليات الإرهابية سرعة الدول في الكشف عن منفذيها أما في هذه العملية فقد لمسنا بطئا متعمدا في سير التحقيقات وإصرارا على عدم مشاركة روسيا في التحقيق أيضا مما يشكك في نزاهة النتائج، ويؤكد على تخوف الأطراف المشاركة في التحقيق من كشف حقيقة ما جرى في تلك التفجيرات وبقيت الأمور تسير خارج نطاق الشفافية إلى أن كشف الصحفي الإستقصائي الأمريكي عبر الصحف الأمريكية تورط البيت الأبيض في هذه التفجيرات.

ولم نلحظ أي ردة فعل مناسبة من السلطات الأمريكية حيال ما نشر إلى أن تم توجيه إتهامات أمريكية مؤخرا لأوكرانيا بأن جهات أوكرانية تقف خلف هذه التفجيرات ربما لإبعاد التهمة التي باتت تلتصق بأمريكا والصاقها بجهات مجهولة داعمة لأوكرانيا وأعتقد أن الحلفاء الأوروبيين باتو على يقين بمجريات العملية الإرهابية حيث قام المدعي العام الألماني بتفتيش إحدى السفن التي يشتبه أنها شاركت في تلك العملية.

ويبدو أن الحكومة الألمانية من أكثر الأوربيين تخوفا من كشف هوية من قام بتلك العملية الإرهابية فهي تخشى من الصدام المباشر مع الولايات المتحدة خوفا على كرسي المستشار الذي سيكون مهددا بالتغيير إذا قررت ألمانيا الإعتراف بحقيقة ما جرى ناهيك عن أن الشعب الألماني بزعامة المعارضين الألمان لن يقف مكتوف الأيدي حيال ما جرى من تضليل وكذب عليه لكي يساند الحكومة في دعمها لأوكرانيا طيلة الفترة السابقة  وانجرارها خلف التعليمات الأمريكية، وقد يتسبب كشف الحقيقة وفي حال ثبوت أن أمريكا أو أوكرانيا أو كلاهما قد تورطوا في تلك العملية فقد يتصدع التحالف الغربي في زمن قياسي مما يخفف الضغط على روسيا، ويمكنها من تحقيق أهدافها الاستراتيجية بشكل دقيق وسريع سيما وأن بريطانيا تعاني من نقص ملحوظ في المواد الغذائية وفي الذخائر العسكرية، وهي تواجه وضع إقتصادي حرج لا تحسد عليه ومع ذلك  تتصرف بعقلية الدولة القوية الظالمة التي ظلمت الفلسطينيين والعراقيين والعرب على حد سواء ،وها هي تحصد شوك ظلمها للعرب متمنيا ظهور الحقيقة واظهارها للعالم.

عميد اردني متقاعد