أخبار عاجلة

إسقاط النظام ” بقلم الكاتب والمحلل الأمني د. بشير الدعجة

تتعالى في وطني صيحات بين الحين والآخر مطالبة بإسقاط النظام الملكي الهاشمي والمناداة بحكم الشعب لنفسه متغنين بالديمقراطية وقدرة الشعب الأردني على إدارة نفسه بنفسه..
بداية دعوني استعرض وإياكم تاريخنا العربي المتشرذم عبر العصور… الانطلاقة الأولى لهذا التشرذم بعد وفاة الرسول محمد صل الله عليه وسلم… ارتدينا عن الدولة الإسلامية وعدنا إلى قبليتنا وتفتتنا ولم نخضع للدولة االاسلامية(مفهوم الدولة).. الا بعد حروب طاحنة… وبقينا نتحين فرصة التفكك حتى جاءت بعد مقتل الخليفة الرابع علي بن أبي طالب – كرّم الله وجهه – ودارت حروب كادت ان تعصف بمفهوم الدولة والعودة إلى حياة الجاهلية والتناحر على طريقة حرب البسوس وداحس والغبراء وزمن الصعاليك وقطاع الطرق…. واستمرينا على هذه الحالة والحنين إلى حياة الفوضى والتشرذم والتفكك وما الححاج ابو يوسف الثقفي وصلاح الدين الأيوبي وجودهما للمحافظة على مفهوم الدولة الا شاهد على ذلك..
واذا نظرنا إلى تاريخنا المعاصر الذي نعيشه في سوريا وليبيا والعراق واليمن وغيرها ما سمي الربيع العربي الا أمثلة حية على حبنا للفوضى وحنينا إلى الغزو والنهب والصعلكة…
دمرت شعوب هذه الدول انظمتها تحت مسمى الديمقراطية وحكم الشعب لنفسه والتخلص من النظام السياسي السائد… ماهي النتيجة؟!… قتل وصعلكة ودمار للإنسان والشجر والحجر، وصلكة وفساد ولصوص وعصابات تحت مسمى الديمقراطية، نهبت البلاد والعباد ومزيدا من الفقر والجوع والتشرذم والعنصرية العرقية والدينية والمناطقية والعشائرية…
نحن امة حتى اللحظة غير مهيأة للديمقراطية وحكم الشعب للشعب… فتركيبتنا وجيناتنا السيكولوجية والبيولوجية مازالت كما هي… حيث الدمار والتفتت والصعلكة والعقلية العشائرية والطائفية والمناطفية… نهوى ذلك ويسري في عروقنا… فنحن مازلنا نعتز ونفتخر بإسم عائلاتنا ومناطقنا الجغرافية الضيقة وتاريخنا العشائري اكثر من اعتزازنا بالدولة وتاريخها وحضارتها..
نحن مازلنا نغلق الطرق ونحرق المباني والمؤسسات ونطلق النار على رجال الأمن لان عضو بلدية لم ينجح بالعضوية ونتهم الدولة بالتزوير وتبديل صناديق الاقتراع…
نحن نعلم ان ابن عائلتنا ومنطقتنا فاسد وناهب وغير كفؤ للموقع ومع ذلك ننتخبه ونحرق الاخضر واليابس لأجل فوزه… بغض الطرف عن المصلحة العامة للوطن والمواطن…
نحن مازلنا على عقلية داحس والغبراء… اتعرفونها ( عسى السابقة من خيل اهلنا) بغض النظر انها تستحق الفوز وكفؤ لذلك… المهم ان نروي عطشنا وظمأنا وغرورنا واقليميتنا ولا يهم الوطن والمواطن…
نحن نغزو بعض ونتحارب لسنوات على موقع عضو في مجلس عائلي… فتبدأ الخصامات واعتيال الشخصية والتشرذم بين أفراد العائلة… لا بل اننا نطعن في نزاهة مجلس العائلة ونصفه بالفاسد والسارق ونحاول إسقاط مجلس العائلة او العشيرة… وتفكيك العشيرة والعائلة إلى (جروبات) لاننا نهوي التشرذم والتفكك والصعلكة…
اعود إلى وطني… إلى من ينادي بإسقاط النظام الهاشمي… من هم الذين ينادوا بذلك… وكم عددهم… وما هي انتماءاتهم السياسية… وما هي اجندتهم… وما هي حججهم…وكيف سيديرون البلاد… وما هو البديل الجاهز لاستلام زمام الحكم…
لنتقي الله في وطننا الذي بنيناه معا (طوبة طوبة)… لنتقي الله في قيادتنا الهاشمية الحكيمة التي كان لها الفضل بان حعلتنا شعب يحترم في كافة المعمورة وصنعوا منا شعب حضاري بعد ان كنا قبائل وعشائر نُغير على بعض ونغزو بعض… لنتقي الله في نظامنا الهاشمي الحنون على شعبه… فلم يسجل التاريخ الهاشمي منذ عصر الرسول صل الله عليه وسلم وحتى عصر الملك عبدالله الثاني اراقت دماء وقتل وتدمير…. لنتقي الله في شعبنا الآمن… انظروا حولكم من الدول العربية الشقيقة عندما انقلبت على حكامها… ماهي النتيجة… الم تسمعوا هتافاتهم وحنينهم إلى زعمائم الذين انقلبوا عليهم وقتلوهم…
نحن شعب جمعنا الهاشميون حولهم ولهم في اعناقنا دين كبير لا نستطيع سداده… فبعد ان كنا قبائل وعشائر متحاربة بسبب الماء والكلاء… اصبحنا دولة حضارية يشهد لها القاصي والداني… وبعد ان كان الإنسان الأردني بدوي وفلاح… بسطاء.. اصبح الإنسان الأردني انموذجا يحتذى به… ليس على مستوى العرب والاقليم فحسب وانما على مستوى العالم….
باختصار عندما نتفق على عضو مجلس قروي او مجلس عشائري… استطيع القول اننا بدأنا اول خطوة باتجاه حكم أنفسنا بأنفسنا…عندما نتوقف عن التغني بعائلاتنا ومناطقنا الجغرافية الضيقة بدلا من الوطن الواحد… استطيع القول اننا بدأنا بالالتفاف حول الوطن…. عندما نشير إلى ابن عائلتنا وعشيرتنا الفاسد والسارق ونتبرأ منه وافعاله… عندها تظهر بوادر الوطن اولا…
الهاشميون نعمة من نعم الله التي حبى بها الاردنيين… صنعوا لهم دولة… ثبتوا لهم الهوية… خلقوا منهم انسان عصري اصبح مضرب مثل للعالم اجمع… شيدوا لهم وطن المؤسسات….تتجاوزوا بالوطن الاردني محن ومؤامرات كثبرة من الشقيق والصديق والعدو واستطاع الهاشميون بحنكتهم وحكمتهم السبر به إلى شاطيء الآمان…
إلى من ينادي بإسقاط النظام الهاشمي…. أنني أحزن عليك لقصر نظرك وجهلك وعدم قراءتك للتاريخ العربي ومقارنته بالتاريخ الهاشمي… تأكدت انك فقط ابواق ناعقة وببغاء تردد ما تسمعه وتشاهده في دول الربيع العربي وتحاول نقل التجربة إلى وطننا الآمن دون الالتفات الى نائج هذا الربيع المدمرة التي مازالت احداثه المأسوية حتى اللحظة…
إلى من ينادي بإسقاط النظام الهاشمي… اقول لك انك امرؤ فيك جاهلية… جاهلية الردة… و جاهلية مقتل علي بن ابي طالب… و جاهلية الانفصال عن الدولة الإسلامية…. انت امرؤ تعشق الدمار والخراب وحياة الصعلكة والغزو…. انت امرؤ ليس صديق بل عدو للوطن والمواطن قبل النظام الهاشمي… انت امرؤ تسعى إلى فنائنا… وان نصبح انسان بلا كرامة وهوية… ان نصبح نبكي على وطن دمرناه بأيدينا ونتوجد بعدها على حكم الهاشميين…. حمى الله الوطن والملك والشعب… أدام الله علينا نعمة الهاشميين التي خصنا بها من بين الشعوب وللحديث بقية.

شاهد أيضاً

تعزيز تنافسية المنتج الأردني

هرمنا الاخباري-نستطيع القول أن تعزيز تنافسية المنتج الأردني تعتبر حلقة أساسية في اطار الجهود التي …