أخبار عاجلة

هل ذهب دم وصفي هدراً !!؟؟ المحامي بشير حسن المومني

التاريخ لا يكون مؤلماً إلا اذا حاولنا القفز عنه باعتباره مرحلة مغلقة ولم نقبل به كجزء وحقيقة من حياتنا وعلى مشارف مؤية الدولة الاردنية فهنالك محطات مهمة من تاريخنا الوطني جرى تغييبها بفعل اجتماعي قسري مؤثر تحت بند الاخذ بالاحوط وسد الذرائع ودرء المفاسد باعتبارها اولى من جلب المصالح فمضى ذلك التاريخ الى غياهب النسيان وعندما حاولنا استعادته لسبب او لآخر جرى تزوير وتشويه هذا التاريخ ليتم وضعه في غير سياقه ولنواجه بمنظومة تحاول توظيف الحالة الوصفية لتكون معول هدم لدولة سفكت من اجل بنائها وديمومتها والمحافظة عليها دماء وصفي نفسه ولم نعلم يوما إلا انها نهضت على اكتاف الرجال ..

صحيح ان وصفي قد اغتيل وبقيت دماء الشهيد حتى اليوم محجاً ومزاراً لقصص ترويها الاجيال لكن الاغتيال الحقيقي الذي تعرض له وصفي لم يكن بتلك الايادي الآثمة بقدر ما فعلناه نحن بالشهيد الاردني الفريد عندما قتلنا مشروعه الوطني الاردني وزورنا هذا التاريخ وشوهنا ذلك المنتج العربي النقي والنموذج الاستثنائي الذي قاده الشهيد كوطني حر وعروبي حتى النخاع وصاحب رسالة ايمانية وقد تجسد ذلك كله في كلمة واحدة هي ( الاردن ) فالرجل عاش ومات من اجل هذه الكلمة لا غيرها ودفع حياته ثمنا من اجل هذا ( الاردن ) ومضينا نحن نتغنى بسيرته دون فهم لمشروعه فروينا الحكايات وسبينا الدموع من جميع البشر لنطرحها على قبره العتيق ..

اسوأ ما حصل لوصفي لم يكن اغتياله ابدا فجميعنا الى زوال لكن اغتيال مشروعه هي التصفية الحقيقية للتاريخ والانسان والوطن الاردني وفي كل يوم نتغنى بدماء الشهيد ونروي عنه الحكايات بلا فائدة ولا انتاجية لا يزيد وصفي الا تململا وسخطا وغضبا في قبره ولو قدر الله لرجل ان يبعث من ركام القهر لتصويب رسالته لكان وصفي بلا منازع وفي كل يوم يتردد فيه اسم الشهيد على لسان اهل التصنيفات والتوظيفات والاجندات السياسية من داخل وخارج الوطن اشعر بكياني كله يتمزق على ما انتجه ابن سنابل القمح وحوران ..

علينا ان نعود لقراءة حقيقة الشهيد الناصعة وصحائفه البيضاء التي لم تتلون ولم تتبدل ولم تتغير لانها منقوشة بلون واحد فقط ( الدم ) أما اصله وفصله ومعوله فهو أردني أردني أردني لا يعرف تلون المدنية ولا تجار الدين ولا هرطقات الملكيات الدستورية ولا حشيش التقدمية بل رائحة البارود ومذاق قمح بلادي فمشروع وصفي لم يكن يوما عبئا على الشعب والدولة والعرش لانه من ذلك واليه كابن وطن لا اكثر وقد قامت الفلسفة الوجودية لمشروع وصفي على عبقرية تاريخية بكل معنى الكلمة عندما زاوج ووظف أدوات الحكم والعمل الجمهوري وجانسه وطوعه وواءمه في سبيل صناعة نموذج اردني ملكي كلما دعك بالنار ازداد نقاءا فكان مشروعه الغني قيمة وانجازا ( ملكية شعبية ) من والى الناس .. ملكية شعبية تبدأ بالفقير والاقل حظا وتنتهي اليه لانه يشبهنا وفي اللحظة التي ننسى فيها هذه الحقيقة ونتخلى عن هذا المشروع او نعجز عن فهمه او نستورد غيره يكون دم وصفي قد ذهب هدرا ..

شاهد أيضاً

تربويات لافتة!

كتب د.ذوقان عبيدات هرمنا الاخباري-كان أبرز إنجازات النظام التعليمي منذ الستينات: سيادة القرار التشاركي، وقدرة …