أخبار عاجلة

صديقنا وجوني والليدي تاتشر … بقلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .

اتصل معي احد الزملاء والأصدقاء وابلغني عن قصة كانت قد حصلت معه إبان خدمتة في جهاز الأمن العام ، إن هذه القصة وإن كانت طريفة إلا إنها تعطينا مؤشرات خطيره عن بعض ما يحدث من بعض المسؤولين وسيطرت الجونيات والشتيويات الجالسين والمتربعين على عروش الفساد في وطننا الغالي على هؤلاء المسؤولين .

القصة تقول أن صديقنا كان رئيسا لمركز امني في عهد أحد مدراء الأمن العام السابقين ، حيث اتصل معه أحد مدراء الشرطه أنذاك وأبلغه بأن يتواصل مع مكتب الباشا مدير الأمن العام مباشرة في ذلك الوقت ، عندها قام صديقنا بالإتصال وتم إبلاغه من مدير مكتب الباشا بأن يتواصل مع احد المواطنين على رقم هاتف اعطوه إياه ، وأن يذهب الى منزله ويقوم بمساعدته بالمشكله التي حصلت معه ، اخبرني صديقنا انه توقع ان تكون المشكله فيها شيء من قضايا العرض او الشرف او قضية تكون فيها حياة ناس في خطر ، ولكنه بعد ان اتصل على الرقم الذي زودوه به ،حصل على العنوان وذهب الى فيلا المشتكي الجوني صديق الباشا ، ولن اعرج على وصف صديقنا للفيلا وفخامتها ، ولكن صديقنا وجد هناك عائلة صغيرة تتكون من زوج وزوجة وصبيه وولد ، كانت كلها مجتمعه ، وكانت الزوجة بدون اي نوع من انواع الميك اب أوالمكياج وكذلك بنتهم ، وهذا لا يكون ولا يحدث إلا في حالات الوفيات والعزيات عند اهل الميت ، رغم ان هذه العادات قد تغيرت وصارت دور العزاء للسيدات كأنها مسارح ومعارض للأزياء والتسريحات .
صديقنا رئيس المركز جلس بينهم وهم كانوا في حالة من الكآبة والبؤس ، فبدأ كلامه بالآية الكريمة ،،قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ،، وتابع حديثه مستفسرا عن الموضوع ، فبدأ صاحب الفيلا الجوني حديثه بأن تاتشر عزيزة عليهم وأنها تربت وعاشت معهم وتنام معهم بفراشهم ، وان تكاليف العناية بها شهريا تتجاوز مبلغ الألف دينار ، وأنهم فقدوها من ليلة أمس ولم تعد لغاية الآن ، وأنهم لم يناموا أيضا حيث بدأوا يشكلون فرق للبحث عنها من الأصدقاء والمعارف بالفيلا وبالحارة .
صديقي رئيس المركز طلب تفصيلات عن تاتشر لكي يعمم عليها ويطمنهم بأنه سوف يبذل قصارى جهده بالبحث عنها ويعيدها لهم ، وأن الباشا مدير الأمن العام ومدير الشرطة مهتمين بالموضوع وسوف تسخر كل امكانيات الأمن العام للبحث عن تاتشر ، واستل صديقنا قلمه وورقه وبدأ بالسؤال عن تفاصيل وأوصاف تاتشر وعمرها ولباسها، فتحدثت المدام بأنها سوف تفقد حياتها وروحها اذا لم يتم العثور على تاتشر التي عمرها صار سنتين وشعرها ابيض موشح ببعض الشعيرات السوداء ، ويوجد برقبتها سنسال ذهب محفور عليه إسمها ، طولها 20 سم وعرضها 35 سم ، عندها انصدم صديقنا رئيس المركز لهذه المواصفات والصفات، فقال لهم هل هذه مواصفات طفلة ام ماذا ، فقالوا له انها كلبة من المانيا وابوها امريكي وامها بريطانية . .
هنا بدأ صديقنا رئيس المركز يفكر ويعمق التفكير في الأوامر التي صدرت إليه من مكتب الباشا والتي جعلته يترك المركز على عجل ولم يوقع على القضايا ويرسلها للمحاكم ، وكذلك أن يعنذر عن إستقبال الكثير من المراجعين للمركز ، ويؤجل ذهابه للمحاكم للإدلاء ببعض الشهادات على القضايا ، كما أنه كان قد ابلغ زوجته التي تنتظره هي وأولاده في اجازته لنهاية الأسبوع بأنه يتابع قضية مهمة واحتمال أن يؤجل إجازته حتى ينهي الموضوع الذي تكلف به من قبل الباشا مدير الأمن العام.
احتار صديقنا بحالته وكيف له ان يتعامل مع هذا الموضوع التافه بنظره والمهم عند مدير الأمن العام ،والذي قد يؤثر على مستقبل بقاءه بالأمن العام او بالمركز الذي يخدم به ، وان عليه أن يحسن التدبير ويحسب حساب أن لا تخرج عليه توصيه من هذا الجوني للباشا بأنه غير متابع أو مهتم بالموضوع .
ولهذا قام صديقنا بأجراء اتصالات لاسلكية وهاتفية وقام بإصدار أمر بالتعميم الشفوي هاتفيا على كل نقاط الغلق والتفتيش في شوارع العاصمة عمان ومداخلها ومخارجها ، كما اصدر تعميما بالتفتيش على كل أماكن بيع الحيوانات والحدائق المخصصة لإيواء الحيوانات ، وكل ذلك كان قد جرى أمام عائلة جوني الذين شكروه واثنوا على اهتمامه بالبحث عن تاتشر ، كما أن صديقنا تقمص شخصية الراهب او شيخ الجامع الذي يستخدم الدين وقصصه للتخفيف عن آلام الناس في مصائبهم للتهوين عليهم وتطمينهم بأنه سوف يعثر على الليدي تاتشر .

صديقي رئيس المركز ترك مكتبه لمدة يومين وهو يتواصل مع عائلة الجوني ويبلغهم عن اشرافه على فرق البحث والتحري والتفتيش عن تاتشر ، لأنه شعر أن مصيره ومستقبله بجهاز الأمن العام مرهون بالبحث عن تاتشر وإيجادها ، أو أن عليه على الأقل أن يشعر جوني وعائلته بجهوده المضنية وتعبه الدائم في حال أن لم يتم العثور على الليدي تاتشر .
ويا للأسف لم يتم العثور عليها ولم يجد لها سبيل وفقدت عائلة جوني الليدي تاتشر ، فكان على صديقنا ان يخفف عليهم من خلال التواصل الدائم ولا يحرمهم من بريق أمل بالعثور عليها .
وقال لي صديقي وهو مبتسما ، الحمدلله أن الجوني كان قد اتصل مع الباشا وشكره على اهتمامه بالموضوع وعرج أيضا على شكري أنا شخصيا كرئيسا للمركز الأمني بذلك الإتصال ، وهنا استراح صديقنا وتطمن على أن مستقبله في جهاز الأمن العام ليس في خطر .

إن هؤلاء الجونيات لا تخلى قلوبهم من الرحمة ولكن على حيواناتهم ومصالحهم فقط ، ولكن مشاعرهم تجاه الجياع والفقراء في الوطن لا تتهتز قيد أنمله ، وليس هم ممن يكترثون بمن يموت منتحرا نتيجة القهر والديون وشبح التنفيذ القضائي أوالحبس ، فهؤلاء لا يهمهم إلا أنفسهم وحيواناتهم ومصالحهم .
والمصيبة الكبرى أن بعضا من المسؤولين في هذا البلد يتوددون للجونيات وينفذون رغباتهم لأنهم كانوا قد استلموا مهامهم للوزارات والمؤسسات العامة بفضل هؤلاء الجونيات والشتيويات .

تحياتي الى الليدي تاتشر التي حركت كل جهاز الأمن العام ، واتمنى ان تدعوا الله بأن تكونوا ممن يحالفهم الحظ السعيد بالعثور على الليدي تاتشر لتستلموا وزارة ما او مؤسسة مهمة .

شاهد أيضاً

تربويات لافتة!

كتب د.ذوقان عبيدات هرمنا الاخباري-كان أبرز إنجازات النظام التعليمي منذ الستينات: سيادة القرار التشاركي، وقدرة …