أخبار عاجلة

( سنح هيك نظام )المحامي بشيرحسن المومني

هرمنا – هذا المقال بريء من السياسة براءة الذئب من دم يوسف وأي مقاربات او تفسير او اسقاط سياسي للمقال انما هو ناشيء عن سوء نية القاريء لا أكثر .. لذا اقتضى التنويه

قبل مدة كنت بحكم المهنة كمحامي في مراجعة لاحدى الجهات التي تشتبك يوميا مع الموطنين وإذ برجل سبعيني يخرج من باب المؤسسة وقد بدت ملامح الغضب في وجهه الذي يتصبب عرقا ويقول ( سنح هيك نظام ) !!! وفهمت فيما بعد أن النظام الالكتروني المستحدث قد فشل في استظهار وتحقيق غاية الرجل .. نفس الحالة تكررت في احدى المؤسسات الحيوية عندما ( تعطل النظام ) فأخذ المواطنون بالتذمر والشتم ..

في أحد الأيام وعند مراجعتي لقلم المحكمة لتقديم لائحة طعن رفض الموظف المختص تسجيل الطعن بحجة أن النظام لا يظهر عليه وجود قرار فاصل ليقع عليه الاستئناف !!! لكن في المحاكم توجد معايير موضوعية فذهبت الى رئيس المحكمة وأبلغته بواقع الحال وأن النظام ( الذي صنعناه ) بات يتحكم بنا بشكل مخالف للمنطق والعقل في حين يتوجب أن يكون أداة لخدمتنا وبالطبع ولأن لدينا مؤسسة محترمة وقضاة يفهمون واجباتهم ورسالتهم قام بالاتصال مع مرجعية الموظف وافهامه أن المشكلة في النظام المؤتمت وليس في اجراء المحامي وتم الرجوع الى الوسيلة التقليدية اليدوية لتجاوز قيود هذا النظام لما اعتراه من خلل وتم تصويب الحالة وقد صدر قرار لصالحي من محكمة الاستئناف وتساءلت كثيرا لو كان عمل الموظف معزول عن ولاية رئيس المحكمة هل كان النظام الذي يستند إليه سيفقد البشر حقوقهم !!!؟؟؟

من وحل الواقع اتكلم .. النظام – أي نظام – وضع أساسا لخدمة البشر وحتى الأديان بما اشتملت عليه من نظام فلقد ارسلها الله عز وجل للبشرية لتحقيق منفعة الانسان ومن ثم ثارت البشرية على مفهوم وتأويل الدين لا الدين نفسه وذلك عندما استأثرت به طغمة منتفعة تأويلا وتفسيرا وتطبيقا فعزله من ثار عليه عن الحياة في ردة فعل طبيعية للإنسان الطبيعي وعندما تفرض الانظمة ظروفا غير إنسانية على الانسان فهو أمام خيارين إما أن يقوده النظام نحو حالة من التخلف أو الثورة وبجميع الأحوال عندما يقود النظام حالة من الاستبداد يتم خلق إنسان خانع ذليل يقبل بذبول إنسانيته بمواجهة هذا الطغيان مكرها ومؤدى ذلك التخلف الحضاري لتعطل قيمة التفكير ومن هنا يتوجب إحاطة فكرة السلطة التقديرية لملاك السلطة باعادة تفسير وتطوير فالسلطة التقديرية التي منحت للموظف العام لغايات تحقيق المنفعة ومنحه بحبوحة ومرونة في اتخاذ القرار الانفع للناس باتت تشكل بحد ذاتها مشكلة ويتم استخدامها في غير ما شرعت لاجله ..

للأسف وكإنسان .. كمواطن داخل الدولة .. وكرجل قانون .. وبالرغم من كوني اكثر الناس تمسكا بالنظام وأدرك جيدا مهمته ووظيفته وضرورته لكن لا اخفيكم سرا بأنني قبل أيام قلت بالحرف ( سنح هيك نظام ) !!! نعم لقد وصلت الى هذه المرحلة عندما كنت قبل أيام أدور وأطوف مرارا وتكرارا في إحدى مناطق عمان لأجد سبيلا للخروج منها الى الشارع الرئيسي وفي كل منعطف تقريبا أجد إشارة ( ممنوع المرور ) ولأبقى محاصرا فيها مع أزمة خانقة والنتيجة كانت ( سنح هيك نظام ) مرور !!!

النظام يتوجب أن يكون منطقيا عقلانيا يراعي احتياجات الانسان إن لم يحققها .. نظام المرور يصلح نموذجا للقياس وبصراحة لا أدري من هو ذلك المهندس الذي يخطط للنظام لدينا فمنطقة طبربور التي اسكن مثلا علمتني مخالفة النظام رغم أنفي فالشارع الذي يمر امام منزلي كان عبر التاريخ باتجاهين وكان الجميع متعايشا مع النظام فيه لنستيقظ يوما وقد قرر احدهم منع دخوله من الشارع الرئيسي في حين أن الجميع بما فيهم صاحب القرار – العبقري – كنا بأمس الحاجة لتفريغ الازدحام والضغط .. الذي حصل هو كالآتي ، في البداية شتمنا النظام المروري بكل مفردات اللغة ومن ثم تمردنا عليه ولم يعد لاشارة ممنوع المرور أي قيمة وبتنا جميعا نكسر النظام ليس لأننا متمردين على النظام ولا نرغب بوجوده بل لأن النظام أثقل علينا بطريقة غير موضوعية وغير عقلانية وأسقط نفسه بنفسه ..

المحامي بشير المومني

شاهد أيضاً

الابعاد الاقتصادية للأمن السيبراني

هرمنا الاخباري-الثورة التكنولوجية التي يشهدها عالم اليوم والانتشار غير المسبوق لاستخدام الانترنت والتحولات الرقمية التي …