أخبار عاجلة

معركة الكرامة جسدت عزيمة امتنا بقلم : د. زيد احمد المحيسن

هرمنا – في تاريخ الشعوب و حياة الامم نقاط مضيئه ومحطات هامة تبقى خالده وحيه في الوجدان وفي الذاكره الوطنيه والقومية يتناقل اخبارها وامجادها جيل بعد جيل، وتتعمق معانيها وتترسخ في نفوس الامة .. قيما ومثلا وانجازا ومصدر الهام واعتزاز قومي – والشعب العربي الاردني يزخر تاريخه القديم والحديث بالمواقف الوطنيه والقوميه المشرفه، ولا شك ان معركة الكرامه الخالده واحدة من هذه النقاط المضيئه في تاريخه الحديث لما حملته هذه المعركة من معانٍ ومفاهيم وطنيه وقومية في التضحيه والفداء سطرها جيشنا العربي الاردني باحرف من نور وعمّدها بدماء شهدائه الابرار تضحيات جسام دفاعا عن الثرى العربي الاردني و الانسان العربي. لقد خاض جيشنا العربي، ومن خلفه شعبنا الوفي ورجال المقاومة الباسلة، معركة فاصله جاءت بعد هزيمة حزيران عام 1967 وكانت الجيوش العربيه فيها لا تزال تلملم جراحاتها واحزانها وشهداءها، وكان الاردن ضحيتها وبشهادة شرفاء الامه حين علا فيها صوت العاطفه على لغة العقل وحكمة الشيوخ – فكان ماكان – وجاءت معركة الكرامه في هذه الظروف الحالكة السواد لكي تعيد للامة قبسا من نور وجزءا من كبريائها واملا يستنهض فيها مكامن القوة والمنعة، فكانت بحق نقطه لتصحيح وتصويب المسار لبوصلة الصراع العربي الاسرائيلي، حيث اثبتت مجريات المعركه ان مقولة اسطورة الجيش الاسرائيلى الذي لا يهزم قد ولت بغير رجعه بعد ان تحطمت هذه النظريه العدوانيه التوسعيه امام ضربات نشامى الجيش العربي, وأماطت اللثام عن خفايا هذه الأسطورة الكاذبة، كما أثبتت هذه المعركة أن النصر العسكري على إسرائيل ممكن و ليس مستحيلاً إذا ما توفرت الإرادة والقيادة السياسية و القتالية القادرة على توجيه دفة المعركة وهذا ما أوضحته و أفصحت عنه الأيام اللاحقة في حرب تشرين المباركة و جنوب لبنان وانتفاضة الحجر. لقد قاتل أفراد الجيش العربي الأردني باباء و رجولة وهم يحملون بنادقهم و اقفين يدافعون عن هذا الثرى العربي الطهور وعن نهضة الإنسان العربي فيه، ومن هنا المنطلق يقول أحد قادة الجيش الإسرائيلي “أهارون بيلد ” : لقد شاهدت قصفا شديدا عدة مرات في حياتي و لكنني لم أر شيئا كهذا من قبل و لقد أصيبت معظم دباباتي في العملية ما عدا إثنتين فقط….. ويروي لي احد ضباط الجيش العربي الذين كان له شرف القتال في هذه المعركة بانه اثناء تفقدة للمواقع التي كانت تحت امرته بان معنويات الجنود والضباط كانت عاليه جدا حيث سمع احدهم يقول : اطمئن سيدي، لن يمروا الا على اجسادنا.. وعندما انتهت المعركة كان هذا القائل من بين شهداء المعركة . نعم لقد قاتل جنودنا ومن معهم من شعبنا الوفي عن ايمان وعقيدة صادقة واصرار بالفوز باحدى الحسننين اما النصر او الشهادة، وفي كل محور من محاور القتال في العارضة وسويمة ووادي شعيب وغيرها بكل بسالة و رجولة وشجاعة، و شاهدوا بالعين المجردة كيف كان العدو الصهيوني ينسحب من الأراضي العربية الأردنية و هو يجر أذيال الهزيمة و الفشل الذريع الذي لحق به من جراء ضربات النشامى في جيشنا العربي، مخلفا آثار اشلاء قتلاه و معداته في أرض المعركة شاهدة للعيان هنا و هناك . من هنا فإن معركة الكرامة و بما حققته من أنجازات كبيرة كان منها إزالة أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يهزم من الذهنية العربية و جعلت إسرائيل، و القيادة العسكرية فيها بالذات، تعيد النظر في سياساتها العدوانيه و البحث عن وسائل مجديه لها إذا ما أرادت العيش بسلام مع جيرانها العرب في هذه المنطقة. لقد أعادت معركة الكرامة الخالدة الثقة للإنسان العربي بقوته و إقتداره و كانت المفتاح الذهبي الممهد لأنتصارات العرب في حرب تشرين التحريرية و في معارك جنوب لبنان و في صمود غزة هاشم من بعد. فهنيئا لقواتنا المسلحة هذا النصر الخالد على العدو الغاصب، و الرحمة وحسن المآل لشهدائنا الأبرار في هذا اليوم المشهود من أيام الوطن والعروبة و تاريخها المجيد. ونستذكر معا – شهدائنا اليوم – بكل فخرا واجلالا وهم يجسدون نصرهم ينبوع عطاء ونور والهام وهو يتدفق معه معاني الرجولة والشرف والكبرياء الوطني والقومي لنا جميعا ولاجيالنا القادمة، وستبقى تضحياتكم الجسام شامة بارزة محفورة على جبين الوطن ووجدانه عزة وكبرياء وكرامة الى الابد .

شاهد أيضاً

تربويات لافتة!

كتب د.ذوقان عبيدات هرمنا الاخباري-كان أبرز إنجازات النظام التعليمي منذ الستينات: سيادة القرار التشاركي، وقدرة …