حال الوطن حال مريض ال ICU


قلم الإعلامي العميد المتقاعد هاشم المجالي .
عندما أتخيل حالة هذا الوطن في هذا الزمن الصعب ، فإنني أتخيل أن هناك مريضا موجودا بالمستشفى وتحديدا بقسم ال ICU أو ما يسمى بالإنعاش هذا إن عاش ، هذا المريض الذي يدخل عليه زوار ويسمعون عنده من الأطباء الذي يعاودونه بأن عنده حالة مرضية مستعصية تحتاج إلى تشخيص وعلاج .
أولى التشخيصات التي سمعوها بأن عنده غرغرينا مستفحلة ومنتشرة بأقدامة ، وإرتفاع بالضغط وزيادة بالإسهال وفشل كلوي وضعف بعضلة القلب ووهن بالعضلات وكآبة نفسية قد تؤدي إلى الانتحار وارتفاع بدرجات الحرارة نتيجة التهابات فيروسية وبكتيرية .
هذا الفريق الطبي يرأسهم دكتور يعتقد نفسه بأنه هو الإستشاري الذي بعد أن يسمع منهم التشخيص يطلب إحضار أطباء أخرون غيرهم ليقيموا حالة هذا المريض ، ويكون التشخيص الثاني والثالث والرابع نفس التشخيص ألأولاني ، رئيس الفريق الطبي لا يسألهم عن العلاج وإنما فقط التشخيص للمريض ، لأنهم كلهم يعرفون أن العلاج معروف ضمن البروتوكول الطبي العالمي وهو المجرب بكل مستشفيات العالم ، العلاج يكون بدايته بالتخلص من الغرغرينا من خلال بتر وقطع بعضا من أعضاء جسم المريض المنتشر بها الغرغرينا .
ولكن رئيس الفريق الطبي الذي كان قد اشترى شهادة الطب ولا يملك شيئا من العلم والخبرة ، ولكنه يملك اخوالا واعماما كانوا أطباء مشهورين ساعدوه للوصول إلى هذا المكان وترأس هذا الفريق القادر على التشخيص وغير قادر على المعالجة .
إخواني إن رئيس الفريق هذا لا يملك لا معرفة ولا خبرة ولا دراية بطرق العلاج ، وإنما يملك القدرة على الجعجعة على وسائل الإعلام بأن القادم هو الأجمل ، وأن أفضل ايامنا لم تأتي بعد ولسوف تاتي بعد أن نخرج من عنق القنينة، وبالطبع ستأتي بوجوده هو أو بوجود أمثاله ممن يتغزلون ويتحركشون بالرز المفقود على موائدنا أو بالمياه التي لولاهم لمتنا من العطش أو من أرباح الكازينوهات وبالمستقبل القريب.
هذا هو حال الوطن الذي لا يخلى من الحرّمنة واللصوصية واستخدام الأدوية المزورة لعلاجات الحالات المرضية المستعصية ، بطالة بالشباب وارتفاع بالأسعار وتغول للبنوك الربوية وإنتشار للشركات الوهمية التي تنهب مقدرات الوطن وتسرق الأموال من جيب المواطنين ، وارتفاع الضرائب وتعدد الجهات الرقابية التي صارت تنهش بالمواطنين والمستثمرين وتنفرهم من الإستثمار، إضافة إلى انتشار المخدرات وزيادة المصائب والضحايا الناتجة عن الأخطاء الطبية الصحية والتعليمية وانعدام العدالة الوظيفية ، كل هذه الأعراض لا تحتاج إلى تشخيص من أحد، لأن الوليد والجنين في بطن أمه قد لمسها وشعر بها وتأثر منها .
ومع كل هذا الحالات المرضية المستعصية يأتينا أطباء فاشلين كانوا قد اشتروا وظائفهم ومناصبهم بالوراثة أو بالنسب أو بالصداقة، أشخاص قد فشلوا في حياتهم الزوجية الأولى والثانية وفشلوا بتربية اولادهم وحمايتهم من المخدرات واحتالوا على مطلقاتهم وسرقوا أموالهن ، أشخاص قبلتهم الكازينوهات وصلواتهم على شواطي الريفيرا الفرنسية والأمريكية والبريطانية ، تم توليتهم علينا ليحلوا لنا مشاكلنا وطلب منهم أن يعالجوا مشكلات الوطن وينقذوه من ما فيه من علل وأمراض هم بذاتهم أحد أمراضها وعللها وهم أكبر مصادرها ومنابعها .
حال الوطن وحال المريض بال ICU حال واحد ، لا بل قد يزداد سوءً مع انعدام وجود الأطباء المعالجين والأدوية الصحيحة وليس المزورة ، فالمسكنات مثل الريفانين والبنادول المتمثل بالتصريحات الإعلامية المتفائلة بأن القادم أجمل ما عادت تجدي نفعا ولن تعالج الوطن ولن تعافي المريض وتخرجه من الإنعاش هذا إن وبقي له من العمر عمرا .
المريض لا يحتاج للتشخيص كما هو الوطن ، فكلاهما يحتاجان إلى رجال بوصلتهم مخافة الله والإنتماء للوطن وخدمة المواطن أولا وثانيا وثالثا ، رجال مخلصين بالسرّاء والضرّاء يملكون الخبرة والعلم والدراية .
لا نريد رجالا جهزوا تذاكر السفر وشنطة الهروب وغذوا ارصدتهم بالأموال المنهوبة من الشعب بعد أن اغتصبوا المناصب نتيجة الواسطات والقرابات والأنساب والصداقات ، نريد رجال إنقاذ حقيقيون يحملون بأيديهم علاجات طبية جذرية صحيحة حتى ولو كانت جزءا من هذه العلاجات مناشير و سكاكين وقطاعات لقطع الأعضاء الفاسدة المفسدة التي إن بقيت ستنتشر وتفسد باقي الأعضاء الجسم وكل مكونات هذا الوطن .
حماك الله يا وطني واخرجك مما انت فيه سالما معافى



