الاقتراض الحكومي وسياسة “القربة المخزوقة”.. دليل فشل أم عجز؟


هرمنا – انس الأمير
تتجه الحكومة الأردنية لإصدار سندات “يورو بوند” بقيمة 500 مليون دولار اميركي العام الحالي لاستكمال التمويل الرسمي الميسر إضافة الى إصدارات بقيمة مليار دولار في عام 2022، حسبما أعلن صندوق النقد الدولي.
وأكد تقرير المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المبرم أن الحكومة الأردنية اقترضت خلال عام 2020 سندات “يورو بوند” بقيمة بلغت 1.750 مليار دولار، لإيفاء ديون مستحقة سابقًا على المملكة.
علميات الإقتراض المتكررة التي تعلن عنها الحكومة خلقت عدة أسئلة تتكرر بشكل دائم عند الشارع الأردني الذي يعاني قهرًا اقتصاديًا، لاسيما مع غياب الإصلاح الاقتصادي الحكومي بشكل كامل وهي: هل نجحت الحكومة في إدارة الملف الاقتصادي؟ وأين تذهب أموال المنح والقروض؟
ويرى خبراء في الشأن الاقتصادي أن الحكومة لا تزال تثبت يقينًا أن الملف الاقتصادي خارج نطاق عملها حتى قبل إنتشار كوفيد_19 وبعده، حيث هناك غياب واضح للخطط العلاجية إلى جانب البرامج التنفيذية التي ستنهض بالاقتصاد الأردني. واستغرب هؤلاء استمرار النهج الحكومي القائم على سياسة الاقتراض لسداد قروض مستحقة بإعتباره حلقة مفرغة، في ظل نافورة المنح والمساعدات الضخمة جدًا التي حصلت وتحصل عليها الأدرن من عدة دول مانحة.
هل نجحت اتفاقية الإصلاح الاقتصادي بين الحكومة والنقد الدولي؟
الحكومة الأردنية كان قد خلصت لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بداية 2021، على مستوى الخبراء حول المراجعة الثانية لأداء زيادة الموارد المتاحة في ظل اتفاق “تسهيل الصندوق الممدد” بمقدار 200 مليون دولار أميركي، نظرًا لارتفاع الاحتياجات التمويلية للمملكة في ظل التحديات القاسية التي لا تزال تفرضها جائحة كوفيد_19 على الأردن.
وفي السياق؛ يقول الخبير في الشأن الاقتصادي وجدي مخامرة إن مراجعات صندوق النقد جاءت ضمن بوادر إيجابية بعد توقيع الاتفاقية الأخيرة بين الأطراف لمدة 3 سنوات، حيث قامت الأردن بالتقدم اقتصاديًا حسب المراجعات مما جعلها تتقدم بشكل ايجابي تبين هذا خلال الإعلان الأخير الذي لم يأتي في مضمونه أي ملاحظات سلبية من قبل صندوق النقد.
ويؤكد مخامرة لـ أخبار البلد أن اتفاقية الإصلاح الاقتصادي لم تحمل أي مردود إيجابي على الاقتصادي المحلي الذي يعاني من بطالة مرتفعة وتراجع بالنمو والذي لن يبدأ بالارتفاع إلا بداية 2022، وهذا ما أكد للعديد من خبراء الشأن الاقتصادي أن اتفاقات الحكومة وصندوق النقد الدولي غير فعالة على الاقتصاد المحلي.
فيما يعتبر الخبير الاقتصادي حسام عايش أن اتفاقية الاصلاح الاقتصادي بين الحكومة الأردنية وصندوق النقد غير فعالة للسير بالإصلاحات الاقتصادية. وتابع “جميع برامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد على مدى 32 سنة غير فعالة ولم تحقق وعودها بالشكل الذي ينعكس على الاقتصاد والأردنيين، وبالتالي فهي تعكس عدم وجود إرادة حكومية حقيقية للتركيز على الأولويات الاقتصادية”.
أين تصرف المنح .. لماذا يرتفع سقف الاقتراض؟
وكان وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة قد أعلن خلال لقاء مع أعضاء في مجلس الأعيان بتاريخ 10 شباط أن “حجم المساعدات الخارجية التي تعاقد الأردن من منح وقروض ميسرة بلغت 4.3 مليارات دولار (3.1 مليار دينار أردني) في عام 2020”.
ويقول عايش إن المنح والمساعدات تقسّم بين حزم لدعم الموازنة بشكل مباشر، وأخرى لمؤسسات المجتمع المدني والبلديات المشاريع الممولة لأنظمة العطاءات الحكومية.
وفي تحليله لزيادة سقف الاقتراض؛ يقول عايش لـ أخبار البلد إن الحكومة تتوقع أن فتح القطاعات في 1 أيلول سيرافقه إرتفاعًا في النمو، ومع ذلك فإن عجز الموازنة البالغ 2 مليار دينار أردني بعد المنح والمساعدات سبيقى مستمرًا نظرًا لزيادة النفقات عن الإيرادات المتحققة، لافتًا إلى إمكانية سد العجز بتخفيض نفقات الحكومة أو زيادة الضرائب أو الاقتراض، لكن بعد إلتزام الحكومة بعدم رفع الضرائب وزيادت النفقات كما بين ملحق الموازنة الذي وافق عليه النواب مؤخرًا، فيبقى السبيل الوحيد أمام الحومة هو التوجه للاقتراض.
ويضيف عايش “الملاحظ أن خطة التمويل الحكومية التي تبلغ حوالي 7 مليار دينار تكشف أن الحكومة ستقترض داخليًا وخارجيًا حيث يقدر إجمالي الاقترض الداخلي حوالي 5 مليار دينار، فيما ستحصل على ما يزيد مليار دينا من مؤسسات دولية كما وستقرض نحو 815 مليون دينار من خلال اصدار سندات يورو وأخر محلية مقومة بالدولار”.
هل نجحت الحكومة في الملف الاقتصادي؟
بدوره؛ يؤكد خبير الاقتصاد السياسي زيان زوانة أن إلتزامات الأردن المالية وصلت إلى 4 مليار دولار، ولا زالت الحكومة تخطط للاقتراض بالرغم من المساعدات والمنح التي حصلت، معتبرًا أن الأمر لا يخرج من كونه “حنفية مفتوحة 4 إنش” بشكل دائم نتيجة تعصي إيجاد بديل.
ويضيف زوانة لـ أخبار البلد أن الخزينة العامة منهكة والقطاع العام منهك، يتزامن هذ مع سؤال أين الحكومة الاقتصادية؟ وماذا تفعل الفرق المختصة بهذا الشأن؟، لا سيما وأن أجندة الحكومة الاقتصادية للإشتباك مع القضايا الهامة كالبطالة مختفية عن المشهد.
فيما يرى عايش أن خطة التمويل الحكومية تعطي انطباعًا عن حجم المديونية الدوارة التي تستخدمها الحكومة لمواجهة عجز الموازنة ومواجهة إلتزامات أخرى وإطفاء ديون مما يعني أن الحلقة المفرغة من الاستدانة تظهر أن الحكومة تراوح مكانها في الجزئية المتعلقة في الديون وكيفة سداد عجز الموازنة والنتائج المترتبة عيلها.
جديرٌ بالذكر صندوق النقد الدولي توقع في تقريره، أن يرتفع الدين العام للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3% هذا العام فيما سيبدأ مسار الدين بالتراجع بعد نهاية 2021، فيما بلغ إجمالي الدين العام في الأردن 33.987 مليار دينار حتى نهاية شهر مايو الماضي، مقارنة مع 33.894 مليار دينار بنهاية أبريل الماضي، وفق للنشرة المالية الحكومية العامة.



