أخبار عاجلة

حماية الدولة .. المحامي بشير حسن المومني

هرمنا الاخباري – عمان

الشرق الأوسط .. لم يهدأ منذ مئة عام وهو بلا منازع صاحب أكثر خريطة جيوساسية متغيرة ولا توجد منطقة في العالم كله معقدة الصراعات والتقاطعات مثله .. ابدا .. لم يقدر لشعوبه فسحة من السكينة .. الحروب وهيمنة القوى العظمى على اجزائه وتقاسم مناطق نفوذ الغرب الامبراطوري ونهب خيراته وزراعة القاعدة الغربية المتقدمة ( اسرائيل ) خلق ضبابية في المشهد لا يمكن التنبؤ حتى اليوم بمآلاتها .. منطقة رمال متحركة بامتياز لا احد يعرف متى سيغرق .. لا يكاد ينتهي فيها صراع الا وقد جر آخر .. حتى ثقافة الشعوب التي عاشت في المنطقة اصبحت عنيفة تفكيرا وسلوكا نتيجة ظروف غير انسانية وضعت بها المنطقة وشل مفاعيل التطور الطبيعي لأي شعب من شعوب المنطقة .. اللا استقرار والاضطرابات العنيفة باتت سمته ..

أردنيا .. ورثنا كل مصائب المنطقة تقريبا رغم أننا لم نساهم يوما في صناعتها .. في الشرق الاوسط لا تستطيع تجنب الصراع مهما كنت بعيدا فكيف بدولة تقع بمنتصفه !! .. بالتأكيد اكتسب الاردن أهمية بالغة نتيجة موقعه على الخريطة لكن نفس هذا الموقع هو من خرطه في إرث المصيبة رغم أنفه بشكل مبالغ فيه حد التغيير البنيوي .. أن تستوعب دولة أثر ونتيجة كل الصراعات فهذا كثير .. لا توجد دولة في العالم كله تستطيع تحمل ذلك فأوروبا بكل قوتها الاقتصادية والعسكرية والسياسية ومساحتها الشاسعة لم تستطع استيعاب عشرات آلاف اللاجئين فكيف بدولة مثل الأردن حمل الملايين ضمن محيط ملتهب متآمر !!! بجميع الاحوال لا بديل عن اتقان معادلة الصمود امام تقاطعات وتغيرات تنهار بمواجهتها دول اقوى بمراحل ومستويات ..

تاريخيا .. بما فيه ما يسمى ربيع عربي .. حاليا .. نحصد شرق اوسطيا النتيجة الطبيعية لثلاثة احداث كبرى .. تفكك الكتلة الشرقية ايذانا باحادية ومدرسة الهيمنة .. حرب الخليج الثانية .. انطلاق مؤتمر مدريد للسلام .. الارهاصات والمقدمات كانت موجودة اصلا وتقديرات الموقف دعمت اردنيا باتجاهات وروافع حماية الدولة رغم اختلاف الاجتهادات والخلاف على مستويات وماهية القرارات الوطنية من حيث الاتجاه المبكر نحو قرار فك الارتباط وقرار استعادة الحياة الديمقراطية وقرار توقيع وادي عربة .. لذلك قصة طويلة .. يختزلها البعض باحداث داخلية .. ذلك سيكون تشخيصا سطحيا نوعا ما .. لكن علينا ان نعلم تماما بأن سقوط نظرية القومية العربية وسقوط نظرية الحدود الامنة الاسرائيلية لا يقلان اهمية عن سقوط جدار برلين ..

اليوم .. واستكمالا لمشهد التحولات والصراعات والاضطرابات منذ مئة عام نقول بأن لدينا شعب أردني عظيم اتخذ ثلاثة قرارات مهمة جدا .. الاول انه قرر المحافظة على الاستقرار الداخلي مهما كان الثمن .. الشعب لا يستجيب لأي دعوات لتفكيك منظومة استقراره وهو يعزف وينأى بجانبه عن أي خطاب ثوري او عنيف ويرفضه ويهاجم من يدعو الى ذلك ويُسقط من يحمل خطاب راديكالي داخلي .. الاجهزة الامنية تحظى بحاضنة شعبية قوية في هذا الاتجاه .. الثاني أنه قرر عدم تغيير النظام الملكي كإطار عام رغم غضبه الواضح التاريخي من الحكومات بسبب وضعه الاقتصادي تحديدا الا انه يدرك بوعي تام عميق اهمية بقاء القيادة الهاشمية للدولة .. الثالث انه قرر التغيير داخل المفاصل البنيوية للدولة .. الشعب الأردني استقر اليوم على حتمية تغيير أوضاعه اليومية ..

الاستجابة .. لحماية أي دولة لابد ان يتحقق عنصرين .. الأول ( قيم جمعية اخلاقية ) و ( مشروع شعبي ) يفضيان الى نهضة بوصفهما رافعة ومضمون الدولة .. في دولة مثل الاردن وضمن تقاطعات الرمال الاقليمية المتحركة فأي تحرك بالاتجاهات اعلاه له معنى واحد فقط ( انت تسير في حقل الغام ) .. اي خطوة غير محسوبة فمعناها انك تقفز بالمجهول .. لا اريد الدخول في تفاصيل وتعقيدات المشهد الكلي الاردني الداخلي لكن لدينا نظام ذكي .. التقاط التغيرات ومواءمتها مع المعطيات الدولية ليس بالامر السهل .. على أي حال لم يفرض النظام وصايته على توجهات المجتمع بل قدم له الادوات ليختار اتجاهاته بنفسه .. خلال سنوات قليلة سيكون لدينا حكومات حزبية برامجية منتخبة .. وبالتأكيد هنالك من يريد ضرب المشروع السياسي وما يرافقه من اقتصادي واداري لما قد يشكله ذلك من خطورة اقليمية .. ومن هنا نجد التفسيرات لمناوءة هذا المشروع والمحاولات والعمليات الحثيثة لاغراق الاردن بالتفاهة والجريمة وما تقوم به منظومة هندسة الاعتقاد والعمليات النفسية لضرب القيم والمشروع .. سنمرر مشروعنا

شاهد أيضاً

الابعاد الاقتصادية للأمن السيبراني

هرمنا الاخباري-الثورة التكنولوجية التي يشهدها عالم اليوم والانتشار غير المسبوق لاستخدام الانترنت والتحولات الرقمية التي …