سلايد شومقالات

ابتزاز الدولة .. المحامي بشير المومني

هرمنا الاخباري – عمان

( انت بتستحق … لكنك بتشتغل غلط ) !!! لطالما سمعت هذه العبارة ولطالما تلقيت ( نصائح ) ممن اعرف ومن لا اعرف بضرورة الخروج من عباءة جماعة ( الولاء المضمون ) باعتبار انه لا يوجد من يعيرهم اهتماما او يلتفت اليهم احد لاصبح ( معارضا ) وعندها ( سأحصل على ما اريد وزيادة ) وستسعى الدولة لاسترضائي !!! ثقافة رخيصة .. وكأنه لا وجود للمباديء والثوابت والقناعات والقيم لدى الانسان الذي يتوجب عليه ان تقوده مصالحه الذاتية ومآربه الشخصية !!!

هذه ( النصائح ) الرديئة تعرضت لها وتعرض لها غيري على وجه الحقيقة واليوم اصبح ابتزاز الدولة ( ثقافة ) تمارس على نطاق واسع باشكال وادوات مختلفة .. أما هذه الثقافة فتتحمل مسؤوليتها بالاساس نفس الدولة التي سمحت للغير بابتزازها عبر عقد مضى باعتبارها باتت وسيلة تكسب وتحقيق منافع شخصية عندما سعت لتسكين الاصوات والاحتجاجات وتلبية المطالب لفلان وعلنتان فتسببت ( بتعزيز ثقافة الاحتجاج السلبي ) الفردي والجمعي من خلال الاستجابة لاشكال الابتزاز الرخيصة المختلفة ..

قبل ثلاثين عاما كانت الدولة تتعامل بحزم مع ( الصحافة الصفراء ) لكن اليوم باتت عاجزة عن التعامل مع ( مواقع السوشال الصفراء ) فالسوشال ميديا باتت حالة اعلامية متفجرة ويكفي احدهم ان يدس بإسم مسؤول في قضية شخصية حتى يتم انتهاكه لفظيا ونفسيا واغتيال كرامته وشرفه وسمعته وليتم تداول منشور شخص مغمور على نطاق واسع جدا ولينجرف المجتمع – الا من اعقله ربي – وراء روايات واشاعات معظمها لا يمكن لعاقل تصديقها .. وهنا تتشكل حالة من الرعب النفسي ويصبح المسؤول جبانا خانعا مترددا غير قادر على اتخاذ القرار السليم .. يبتغي الستيرة !!!

قبل مدة تعرض مسؤول من العيار فوق الثقيل – وهو على رأس عمله – لمحاولة الزج باسمه في قضية شخصية لاحدهم .. اعجبني جدا في ردة فعله .. فورا قام باصدار قرار بفتح تحقيق بما يحصل وتوعد بنتيجته باحالة ملف التحقيق الى القضاء .. تصرف بثقة كبيرة وعالية بالنفس واتخذ الاجراء الاداري والقانوني السليم ولم يكترث ابدا بما يمكن ان يشاع عنه او تتناوله فيه ( مواقع السوشال الصفراء ) وعندما فعل ذلك تراجع صاحب الاجندة الشخصية فورا عن ادعاءاته واعتذر في حين كان يتوعد سابقا باللجوء الى الفيسبوك .. كثيرة هي القضايا لكن اعتقد انه يتوجب على المسؤول ان يتصرف بقوة وان لا يرضخ وان يحظى بدعم مرجعيته ..

اذا اردنا دولة قوية فنحتاج الى مؤسسات قوية بقيادة مسؤول قوي يعمل بمنهجية وخطة واهداف محددة وفقا للقانون فيمضي في اتجاه تحقيق المطلوب ولا يلتفت للثرثرات والاقاويل والاشاعات ولا يخضع للابتزاز ويدافع عن نفسه والمؤسسة التي يقودها بشراسة عند اللزوم بادوات قانونية ولا يخشى من ثقافة مستحدثة ترى في اللجوء الى القضاء ( معرة ومثلبة ونقيصة على المسؤول ) .. هذه دعوة للمسؤولين ليتصرفوا بثقة اكبر بالنفس ودعوة للادارة العليا واصحاب الولاية لدعم مسؤولي وقيادات الصف الاول الثاني بالدولة .. رسالة واضحة لوضع حد لثقافة ابتزاز الدولة وضرورة وقف عمليات تعزيز الاحتجاج السلبي .. لا تستجيبوا لابتزازهم ..

المحامي بشير المومني

مقالات ذات صلة