أخبار عاجلة

مع اقتراب ساعة الصفر ,, د حازم قشوع

هرمنا الاخباري – عمان

بات من المعروف عند الكثير من المتابعين، أن العالم على أبواب الدخول في حرب عالمية شاملة، وذلك مع اتساع هوة الخلاف بين المعسكرين الشرقي والغربي، واقتراب دول “بريكس” من إطلاق برنامجها الجيواقتصادي ذو الأبعاد السياسية الذي يضم في أركانه الرئيسية روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا، إضافة إلى طلب أكثر من 22 دولة للانضمام لهذا التحالف الاستراتيجي الجديد الذي يريد التعددية لبيت القرار العالمي.

فبعد مرور أكثر من 33 سنة من حكم الولايات المتحدة العالم بشكل أحادي و60 سنة من حكم الدولار دون مرجعية نقدية، و50 سنة من مركزية بيت القرار الاقتصادي العالمي في منهاتن، و40 سنة على تشكيل سيليكون فالي للصناعة المعرفية والذكاء الاصطناعي والامن السيبراني، يدخل المعسكر الغربي بقيادة الناتو والمعسكر الشرقي بقيادة روسيا للغرفة المعتمة في حرب استخبارية عميقة، تقوم على تغيير نظام الضوابط والموازين التي كانت قائمة منذ انتهاء الحرب الباردة.

وفي انتظار خروج الجميع من الغرفة المعتمة إلى مسرح الأحداث واقتراب شرارة ظهور الحرب العالمية للعلانية، أخذت التباينات تظهر على السطح، والنقاط المركزية يتم تعميدها لتشمل اليابان كما استراليا في شرق جنوب العالم حيث الصين.

وبدأت الضغوط تزياد حدة على حالة النقد، مع خروج منظمة بريكس وحجم الاهتزازات في ازدياد مستمر على الاقتصاديات العالمية نتيجة الصرف المتزايد على التصنيع العسكري، إلى أن وصلت لذروتها بين المعسكرين لدرجة غير مسبوقة في وسط أوروبا حيث اوكرانيا، كما في الشرق الأوسط حيث سوريا والامتداد الإيراني في جيوبها.

لتزداد هذه الحدية شراسة في إفريقيا الخامدة التي أصبحت مشتعلة بين اتجاهين أحدهما يدافع عن البيان الفرنسي القائم، والآخر أخذ يركب بالمد الروسي الذي بدوره بات يتمدد بين منازلها وينتقل بين المجتمعات الإفريقية بطريقة سهلة كما يجوب بأرجاء عواصمها بسرعة لافتة، متنقل من الخاصرة الشرقية، حيث السودان إلى باب النيجر حيث مركز قوته في الغرب، وباسط ذراعيه في الجزائر ومتخذ من جنوب إفريقيا في جنوب القارة مركزا رئيسيا آخر، هذا إضافة للعديد من الدول التى أخذت تناصره.

حالة التمدد هذه، وما يواكبها من متغيرات في مراكز القوى تنذر بأبعاد خطيرة سيما وقد أخذت تشكل خطراً ليس فقط على الحالة الفرنسية القائمة هنالك، بل وعلى الأمن القومي الأمريكي أيضا، وتشكل بذات السياق تهديداً مباشراً على الجيش الأمريكي ومراكز قيادته، نتيجة الحرب السيبرانية التي فاقت التوقعات والحرب الميدانية التي تشهدها مراكز القيادة المحورية للجيش الأمريكي المصاحب لها في افريكوم ويوربكوم وسنتكوم، وهذا ما جعل من وزير الدفاع الأمريكي لويد اوستن يعلن أمام الكونجرس خطورة الموقف العام ودقته.

يحدث هذا، بعد النجاح الضمني المحدود الذي أحدثته القمة الروسية الأفريقية في سان بطرسبورغ التي قادها الرئيس بوتين شخصيا بطريقة استثنائية، حيث أعلن عن تقديم خدمات نوعية من الناحية اللوجستية والغدائية والدوائية والأمنية والعسكرية لبعض الدول الافريقية التي تتوق للانفكاك من ثقل الناتو بقيادة فرنسا، وظلال الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما قد يضع الجميع أمام مفترق طريق فاصل يصعب العودة منه بين الطرفين مع اقتراب ساعة الصفر السياسية على حد وصف المراقبين .

ومع اقتراب دخول الولايات المتحدة الأمريكية في المناخات الانتخابية التي ستشهدها العام القادم، تلتقي معظم الآراء “المؤثرة” في بيت القرار الدولي على أهمية استمرار الرئيس جو بايدن بدفة القيادة في البيت الابيض لأسباب تستوجبها ضروريات المعركة الدائرة والتي بحاجة إلى إرادة مدركة وعقلانية مبصرة، واستشراف في القيادة وهو ما أجمع علية رأي الاغلبية عندما توافقوا على قاعدة عمل مفادها يقول: “إن صوت الحكمة أمر ضروري أثناء المعركة ومن قاد برنامج عودة أمريكا لقيادة العالم حري به لتكملة مشواره “.

الأمر الذي سيعجل من القضاء على النتوءات المعارضة، وإقصاء صوت النشاز وطي صفحات تعدد الألوان واتباع العلم والإشارة، فلا صوت يعلو فوق صوت أمريكا في هذه الأثناء كما يصف ذلك الكثير من المتابعين، والبرنامج الذي سيسقط على الداخل الأمريكي، هو ذات البرنامج الذي سيسقط على إسرئيل باعتبارها تشكل جزء من فضاءته كما على أجواء الدول الحليفة قبل ساعة الصفر وإعلان حالة النفير…

من هنا، تأتي أهمية إيجاد مبادرة للمنطقة تقوي من أركان روابطها وتبعد زوايا الخلاف بين مجتمعاتها، فتعيد ترتيب البيت الداخلي للشرق الأوسط على أسس تحل عقدة النزاع المركزية فيها على قواعد منصفة تسمح بإعادة بناء صيغة متجانسة من العمل المشترك دون توجس من تفوق أو خيفة من توسع بما يبعد عن قوام مجتمعاتها عن حالة التجاذبات السياسية الباطنية الحاصلة.

إن وضع إطار بناء يحصن المنطقة بات أمرا ضروري، كما أن مسالة تخفيف حالة الضغط عن اقتصادياتها أصبح أمراً واجباً تقتضيه مصلحة الأمن القومي الأمريكي والدول الحليفة، حتى يتم إبعاد المنطقة عن حالة الشد والاستقطاب التي يمارسها المعسكر الشرقي، وهو ما جعل من كامل المساحة الجغرافية للمصدر الحيوي للطاقة محصن وحصين وعصى على الاختراق.

وبذات السياق يكون قادر للدفاع من مقدراته وموجوداته كما عن مكانة إرثه وقوامه السياسي، على أن ياتي ذلك ضمن معادلة تحفظ للمنظومة العربية دورها الجيوسياسي المحوري في المنطقة من على قاعدة مشاركة وليس من على قاعدة وظيفية صرفه، كالتي جاءت أثناء الحرب العالمية الكبرى “الاولى والثانية” عندما قامت على نواحي معيشية دون أصول تنموية وعلوم معرفية تعطي الدور الانتاجي الذي تستهدفه مجتمعاتها .

فهل تلتفت الإدارة الامريكية لهذه الجملة الواضحة وتقوم باستدراك جملة البيان الحاصلة، وتعمل لاطلاق مبادرة حيوية من أجل إنتاج قوام سياسي جديد يحفظ توازنات مجتمعاتها تفيد المرحلة التاريخية التي نقف عليها؟.. وهو سؤال سيبقى برسم إجابة الإدارة الأمريكية التي يبدو أنها مستمرة بقيادة بيت القرار في البيت الأبيض

شاهد أيضاً

الابعاد الاقتصادية للأمن السيبراني

هرمنا الاخباري-الثورة التكنولوجية التي يشهدها عالم اليوم والانتشار غير المسبوق لاستخدام الانترنت والتحولات الرقمية التي …