من مذكرات رئيس الوزراء الأردني الأسبق مضر بدران


هرمنا الاخباري – عمان – المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
• يقول رئيس الوزراء الأردني الأسبق "مُضَر بدران" بمذكراته الشخصية ( القرار ) أنه بنهاية السبعينيات لما كان رئيسا للوزراء ، كان وزير الزراعة والتموين في حكومته " صلاح جمعة " ، وكان وزير الإقتصاد " رجائي المعشّر " ، حينها مرض " صلاح جمعة " بـ روما أثناء اجتماعات منظمة " الفاو " وحَل مكانه " رجائي المعشّر " بالوكالة .
 وبعد فترة يأتي " رجائي المعشّر " إلى مكتب رئيس الوزراء وكانت واضحة عليه علامات الخوف والتوتّر ، فـسأله " مُضَر بدران " شو القصة ...؟ فـجاوب " رجائي المعشّر " أن مخزون القمح بالأردن لا يكفي إلا لأسبوع واحد فقط ! وأن باخرة القمح بطريقها لميناء العقبة ، لكن بدها أسبوع لحتى توصل ، فـسأله " مُضَر بدران " وشو بصير لو جَنَحت الباخرة وتأخّرت أكثر من أسبوع ...؟ فـقال " رجائي المعشّر " : رح تكون كارثة في الأردن ...!
يقول " مُضَر بدران " بنفس اللحظة رفعت سمّاعة التلفون واتّصلت برئيس الوزراء السوري " عبدالرحمن الخليفاوي " وشرحت له الأمر وطلبت منه قمح بأسرع وقت ممكن ... ! رد عليه رئيس الوزراء السوري وقلّه : لا يمكن أن نترك الأردن بهالحال ورح أعرض الموضوع على السيد الرئيس حافظ الأسد ، ووافق حافظ الأسد على الفور بإرسال القمح إلى الأردن .
  ويذكُر " مُضَر بدران " أنه ثاني يوم تماماً كان القمح دخل من سوريا  ووضعوه بمدينة الرمثا فـشعرت بالإرتياح والإطمئنان .
وبعد أسبوع تماماً يقول " مُضَر بدران " أن " رجائي المعشّر " رجع إلى مكتبه  وقال له أن الباخرة جَنحت كما توقعت قُرب ميناء " ليماسول القُبرصي " وتأخّرت 15 يوما ...! 
يضيف " مُضَر بدران " بمذكراته ويقول : عندها أقتنعت أن أمر الصوامع بالأردن لا بُد من حلّه بأسرع وقت ! فـاتّصل برئيس المجلس القومي حينها " حنا عودة " واستفسر عن مشروع الصوامع بالأردن فـقال له أنه بِصَدد وضع دراسات الجَدوى الإقتصادية ، وأنه في خبير أمريكي بالأردن بده 22 شهر لحتى ينتهي من وضع الدراسة الإقتصادية لبناء صوامع العقبة فقط ! فـجاوبه " مُضَر بدران " أنه خلال هالفترة رح نكون بَنينا الصوامع بكل المملكة وما رح نستنّاه ...!
 يكمل " مُضَر بدران " حديثه ويقول أن سوريا والعراق كانتا قد سبقتانا ببناء الصوامع ، فرجعت أتصلت برئيس الوزراء السوري " عبدالرحمن الخليفاوي " وطلبت منه أن يكلّف من بَنى لهم الصوامع ببناء صوامع عندنا بالأردن ، فـجاوبه رئيس الوزراء السوري أن هذا القرار عند الرئيس حافظ الأسد ، فـإلتقى " مُضَر بدران " بالرئيس حافظ الأسد وطلب منه هذا الطلب فـجاوبه الرئيس السوري : " إن كان لكم ، فهذا أمر مقبول ، وليذهب فوراً للأردن لمُباشرة العمل ".
 يكمّل " مُضَر بدران " حديثه ويقول : طلبنا من سوريا كافة التصاميم والمُساعدة وشركة المقاولات السورية لبناء الصوامع ، واستنسخنا مخططات صوامع طرطوس بالعقبة ، وصوامع دمشق بعمّان ، وصوامع درعا بالرمثا نتيجة لتشابه الطبوغرافيا بين هالمدن ولتوفير الوقت .
 ينهي " مُضَر بدران " حديثه بأنه تم الإنتهاء من بناء الصوامع الثلاث بالأردن بمدّة زمنيّة قياسية قبل ما ينتهي الخبير الأمريكي من دراسة الجدوى الإقتصادية لصوامع العقبة ، وكانت كُلفة الصوامع الثلاث 16 مليون دينار فقط ، وبإشراف وبناء شركة المقاولات السورية " يعقوبيان " .
 ويضيف : بتلك الفترة كانت الأردن تعمل على نسج علاقات طيبة مع كل الدول العربية ودول الجوار العربية تحديداً ومن ضمنها سوريا والعراق ومصر وما ينجرّوا ورا أي صراع " سوري - خليجي " أو " عراقي - خليجي " لأنه مصلحة الأردن العُليا تقتضي دائماً نسج علاقات متينة مع سوريا والعراق . أقولها وللتاريخ ولمن لا يعلم من شعبي أو يتنكر لمواقف سوريا المشرفة تجاه وطني الحبيب الأردن … عندما أخلًت ( إسرائيل ) بإتفاقية المياه مع الأردن وقامت بتزويد الأردن بمياه غير صالحة للشرب وأدت الى تضرر بمحطة تنقية المياه في منطقة زَيّ نتيجة كثافة المواد العالقة بتلك المياه ، ووصلت تلك المياه الفاسدة الى ساكني معظم مناطق عمان الغربية ، وقامت ضجة كبيرة في ذلك الوقت استنكارًا لذلك ، وأطلع كل الأردنيين وألتي نشرت بالصحف على التحاليل المخبرية لتلك المياه الفاسدة والقادمة من دولة فاسدة ومحتلة إسمها إسرائيل ، على أثر ذلك قامت سوريا العروبة بتغطية حاجة الأردن من المياه من نهر اليرموك وبمواصفات مياه عالمية … هذه هي سوريا …
رسالة إلى فاقدي البصر والبصيرة عن سوريا العروبة ودورها التاريخي ومواقفها المشرفة تجاه وطني الحبيب الأردن الذي لم يتوقف رغم كل الخذلان الذي واجهته من ما يسمى إفتراءً … دول شقيقة وجارة عزيزة … وأضيف لمن لا يعرف رجالات الأردن فمعلمنا ” مضر بدران ” أحد رجالات الأردن الأوفياء فهو من الأوائل من درس القانون في جامعة دمشق عام ( 1956 ) واستلم المناصب القيادية في دائرة المخابرات العامة في بداية تأسيسها حيث أستلم منصب مساعد مدير المخابرات العامة للقسم الخارجي ، وهذه ( الشعبه) أو القسم كما كان يسمى في تلك الفترة من أهم أقسام دائرة المخابرات العامة ، وفي عام ( 1968 ) أستلم مديراً لدائرة المخابرات العامة في أوقات حساسة جداً داخلياً وخارجياً هذا الصرح الأمني الشامخ الذي نعتز ونفتخر به ، وفي عام 1976 أستلم رئيساً للوزراء وعمل على برنامج أسس له الشهيد الراحل الكبير وصفي التل ، أبا عماد أحد رجالات الأردن الأوفياء الذين كانوا يشخصون الواقع الداخلي لأردننا الغالي وينصحون فقيد الأمه الراحل الكبير والباني الملك حسين طيب الله ثراه ، وعلى إطلاع واسع أيضاً في الخارطة الأردنيه والعربية والإقليمية والدولية نتيجة خلفيته الأمنية وقربه الشديد من الراحل الشهيد وصفي التل رحمة الله عليه رحمة واسعة ، هؤلاء الرجال الأوفياء الذين نفتقدهم لا يجاملون ويصرحون بأن القادم ( أجمل) وهو ليس ( أجمل) .
أطال الله في عمرك المديد معلمنا وأستاذنا أبا عماد ومتعك بموفور الصحة والعافية .
المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
 
 


