المتحف الريفي في منطقة خرجا بلواء بني ” أقيم ليحافظ على ذاكرة الزمان والمكان في أذهان الآخرين”

هرمنا نيوز – بكر محمد عبيدات
برغبة من أحد مواطني منطقة خرجا التابعة لبلدية اليرموك في لواء بني كنانة في إنشاء متحف ريفي تراثي , يمكنه والحالة هذه من توثيق مراحل بناء الدولة الاردنية , وكيف كان يعيش المواطنين في مختلف مناطق اللواء بصورة خاصة وفي عموم مناطق المملكة بصورة عامة , وأنه أدرك بأن من لا يوجد لديه معلومات عن كيفية بناء الاوطان وكيف عاش من سبقه ؛ فانه سيواجه صعوبات في بناء مستقبله ”
هرمنا نيوز قامت بزيارة الى المتحف الريفي الذي أقامه الناشط السياسي والاجتماعي محمد الزعبي – ابو عمر – في احد طوابق البيت الذي يسكنه وسط المنطقة , وانه فضل عدم إقامة المتحف في مبنى حجري , بل فضل ان يحفظ مقتنيات هذا المتحف في أرجاء منزله , يحافظ عليها كما يحافظ على افراد أسرته ,وانه فضل الابتعاد عن أسلوب العرض من خلال واجهات زجاجية مغلقة , واستبدلها بالعرض المباشر , تتنقل بكل حرية بين أرجاءه لا تخشى من ان ينكسر مقتنى او يهشم زجاج!!!
وبين الزعبي بأن البيت الريفي كما يحب ان يسميه ليس بالمتحف بما تحتوي هذه التسمية من مدلولات ’ فلا توجد لوحات تقوم على الدلالة على المقتنيات الموجودة في ارجاء المكان , ذلك أن كل ” مقتنى ” من المقتنيات والموجدات بالبيت تدل على نفسها ولا حاجة للشرح او البيان ,
وأضاف الزعبي بأن عرض التراث لا يتم عرضه , بل يُعاش وكل ضمن الطريقة التي يراها مناسبة , لافتا الى أن الزائر لهذا البيت القديم لا بد له بأن يسمع صوتا لمهباش ويرى ويلمس أثوابا مطرزة قديمة
وأوضح الزعبي بأنه وبجهود فردية , وبرغبة منه وبتشجيع من حوله من أفراد أسرته وأصدقاء له , قام بتحويل أحد الطوابق في منزله في وسط منطقة خرجا وبمقابل مسجد فاطمة الزهراء , الى متحف صغير ,يعرض من خلاله مقتنيات قديمة كان يستخدمها من سبقنا في إعمار هذه الأرض في حياتهم اليومية , وانه لا يوجد فيه شاشات عرض ولا مرشدين , بل ان كل مقتنى كما تم الاشارة الى ذلك فيما ما سبق ؛ يتحدث عن نفسه , وعن حياته من ألفها الى ما بعد يائها , ,
وعن بدايات فكرة إنشاء المتحف , بين الزعبي بأن فكرة إنشاء المتحف من الصغر، حيث إنني نشأت في مجتمع ريفي يحب الأرض ومتمسك بها، كونها مصدر رزق له.. بدأت فعليا بإنشائه في شهر 4 من عام 2004، بعد أن أنهيت عملي وتقاعدت، فتفرغت تماما لهذا المشروع الذي أحمله في قلبي منذ الطفولة , وان الأدوات التي تم جمعها ,قد استخدمت قبل نحو 30 عاما أو أكثر، وبعضها يعود لأزمنة أقدم بكثير، حيث توارثها, عن والده وجده.
وحول المقتنيات الموجودة في المتحف ؛ اشار الزعبي الى انه يوجد في المتحف أدوات زراعية قديمة
مثل : المناجل والغرابيل مختلفة الأشكال والانواع ومطاحن قديمة , و “ ألواح “ دراس وقوادم وثياب فلاحية
تشمل المجموعة منجلا حادا كان يستخدم في حصاد القمح يدويا، وغرابيل مختلفة الأحجام لتنقية الحبوب، ومطحنة تقليدية لطحن القمح والشعير يدويا، ولوح دراس وجاذم كانت تستخدم في مواسم الحصاد، إضافة إلى ثياب فلاحية تمثل زي الرجل والمرأة والطفل كما كان يلبس في الريف الأردني.
وتابع الزعبي بالقول :”بانه يوجد في زوايا المتحف أدوات كانت تستخدم في عملية تحميص القهوة مثل : دلال القهوة ومحمصة وكان قد تم تجميعها من بيوت قديمة , معتبرا جرن القهوة أو المهباش هو الأثمن من بين مقتنيات المتحف على الإطلاق., وان غالبية القطع الموجودة في المتحف قيمتها عالية ومهمة لأن عائلته كانوا يستخدمونها، مما جعلها عزيزة على قلبه. لكن القطعة الأهم هي جرن القهوة، حيث كان والده يبدأ بعد صلاة الفجر بتحضير القهوة العربية، وكانت لها طقوسها:
وفيما يتعلق بتلقيه مساعدات مالية من جهات حكومية او اهلية ؛ بين الزعبي بأنه
ورغم ضخامة الجهد وتكاليف الصيانة، يؤكد الزعبي أنه لم يتلق أي دعم رسمي أو محلي؛ “هذا الجهد الكبير أحافظ عليه بجهودي الفردية، رغم أنه مكلف جدا”.
وأوضح الزعبي بأن كل مقتينة من المقتنيات التي يزخر بها المتحف او البيت الريفي تعتبر بمثابة الشاهد على مرحلة من مراحل حياة المواطنين فيما مضى من وقت وزمن ,وانه ومن خلال هذا المتحف يحاول جهده الحفاظ على القيم النبيلة والإنسانية لجيل تقاسم المصروف اليومي – إن وجد – مع أشقاءه وشقيقاته واللقمة مع الجيران والسر مع الصديق ,وانه يهدي هذا المكان لكل من عاش تلك اللحظات الجميلة ولمن رباهم صغارا وعلمهم مكارم الأخلاق والصبر والكرم وغيرها من شيم الكبار . ,
وزارد راعي المتحف الزعبي بأن دور “البيت الريفي” لا يقتصر على العرض الصامت للمقتنيات، بل يتحول إلى مساحة تفاعلية، تعيد وصل الزائرين بجذورهم. زار المتحف آلاف الأشخاص، من مختلف الأعمار والمناطق، ويتذكر الزعبي أحد المواقف المؤثرة بقوله: “زارني الشاعر الأردني الكبير الراحل نايف أبو عبيد، وقال لي: أنت شخص عظيم ورائع.. جمعت هذه المقتنيات الكثيرة.. ما تقدمه لنا هو هوية تراثية تسهم في الحفاظ على هويتنا الوطنية”.
وأنه تم استقبال وفودا من المدارس والجامعات، ويفرح حين يرى دهشة الأطفال وهم يسألون عن الأشياء التي لم يعرفوها من قبل. هناك من ينبهر من شكل البابور أو طريقة استخدام المحماسة، أو حتى ألعاب الفلاحين البسيطة، وهذا يعزز قناعته بأن التراث حي إن أحسن تقديمه , وأن المتحف ليس فقط مشروعا شخصيا أو مبادرة محلية، بل رسالة وطنية تحمل بين طياتها هوية الناس وذاكرتهم. ويقول للشباب: هذه ليست مجرد أدوات، بل هي قصص أجدادكم، وهويتكم الممتدة.. إذا لم تعرفوا كيف عاش أهلكم، فلن تعرفوا كيف تمشون بثبات نحو المستقبل.
يقول الزعبي: “كان التعب يتشارك، والفرح يزرع بأبسط الأشياء.. اليوم الحياة أسهل من ناحية الأدوات، لكن فقدنا أشياء كثيرة؛ العلاقات، الهدوء، والذاكرة. وأنا أحاول أن أستعيد بعضا منها، من خلال هذا البيت”
هي دعوة نوجهها هنا لكافة الجهات المعنية بالشأن التراثي والحضاري لتوجيه بوصلة إهتماماتها بهذا البيت الريفي الثر, وأن يصار الى زيادة الإهتمام به بالصورة المناسبة , كي يكون وجهة للسياح والزوار الباحثين عن الرقي والجمال والموروث الحضاري